فأمسك عن الخمر جماعة ، ولم يمسك عنها جماعة لما فيها من المنافع ، إلى أن أضاف عبد الرحمن بن عوف ، وهيأ طعاما ، ودعا جماعة ، فلما أكلوا سقاهم الخمر ، فدخل المغرب وهم سكارى ، فقدموا أحدهم ليصلي بهم ، فقرأ الحمد وقل يا أيها الكافرون ، وقرأ فيها : أعبد ما تعبدون ، إلى آخرها ، فنزلت هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) (٢) الآية ، فأمسك عنها جماعة أخرى ، وقالوا : لا خير فيما يصدنا عن الصلاة ، وفيه الاثم ، وقوم آخر يشربونها في غير أوقات الصلاة ، إلى أن شربها أحد من المسلمين يوما وسكر وتذكر قتلى بدر ، فبكى وناح ورثاهم بهذه الأبيات :
تحيي بالسلامة أم بكر |
|
وهل لك بعد رهطك من سلام |
ذريني اصطبح بكرا فإني |
|
رأيت الموت نقب (٣) عن هشام |
وود بنو المغيرة لو فدوه |
|
بألف من رجال أو سوام |
وكائن بالطوي طوي بدر |
|
من الشرى (٤) تكلل بالسنام |
وكائن بالطوي طوي بدر |
|
من القينات والحلل الكرام |
فأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بقصته ، فأتاه وفي يده ( صلى الله عليه وآله ) شئ يريد أن يضربه به ، فاستعاذ به واعتذر وتاب ، ثم ذكر قصة حمزة ، كما مر ما يقاربها.
قال : ثم إن عتبان بن مالك هيأ طعاما وشوى رأس بعير ، واحضر جماعة فيهم سعد بن أبي وقاص ، فلما سكروا تفاخروا بالاشعار ، فأنشد سعد قصيدة في فخر قومه ، فقام أنصاري فأخذ عظم الرأس وشج به رأس
__________________
(٢) النساء ٤ : ٤٣.
(٣) في الحجرية : يندر ، وما أثبتناه هو الصواب.
(٤) كذا وفي المصدر : الشيرى ، كلاهما تصحيف صحته ( الشيزى ) وهو شجر تتخذ منه الجفان وأراد بالجفان أهلها الذين كانوا يطعمون فيها وقتلوا ببدر وألقوا في القليب فهو يرثهم ( النهاية ج ٢ ص ٥١٨ ).