الصورة الثانية : ما إذا دلّت الأمارة على إباحة ما هو واجب واقعاً أو حرام كذلك.
الصورة الثالثة : ما إذا دلّت الأمارة على وجوب ما هو حرام واقعاً ، أو على حرمة ما هو واجب واقعاً.
أمّا الصورة الاولى : فليس فيها إشكال ، إذ العقل لا يرى مانعاً من إلزام المولى عبده بفعل ما هو مباح واقعاً أو بتركه تحفظاً على غرضه المهم ـ أي المصلحة الملزمة الموجودة في بعض الأفراد ـ فانّ الأحكام وإن كانت تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها على ما هو المعروف من مذهب العدلية ، إلاّ أنّه تكفي المصلحة النوعية ولا تعتبر وجود المصلحة الشخصية دائماً ، إذ قد تكون المصلحة الملزمة في بعض الأفراد ، ولكن المولى يجعل الحكم بنحو العموم فيما لم يتميز واجد المصلحة عن غيره ، تحفظاً على تلك المصلحة الموجودة في البعض.
وقد وقع نظير هذا الحكم في الشرع المقدس ويقع في العرف كثيراً.
أمّا في الشرع ، فكتشريع العدّة ، فانّ المصلحة فيه ـ وهي حفظ الانساب وعدم اختلاط المياه ـ وإن لم تكن مطردة في جميع موارد وجوبها ، إلاّأنّ الشارع قد شرّعها بنحو العموم ، تحفظاً على تلك المصلحة الموجودة في بعض الموارد ، فاكتفى في تشريع العدّة بوجود المصلحة النوعية ، وليس دائراً مدار المصلحة الشخصية.
وأمّا في العرف ، فكثيراً ما يتّفق ذلك ، كما إذا علم المولى بأنّ أحداً يريد قتله في يوم معيّن ، فيأمر عبده بأن لا يأذن لأحد في الدخول عليه في ذلك اليوم تحفظاً على عدم دخول من يريد قتله ، فانّ المصلحة وإن كانت تقتضي المنع عن دخول البعض دون جميع الناس ، إلاّ أنّه لعدم معرفة العبد بذلك الشخص يأمره المولى بعدم الاذن في الدخول لأحد من الناس ، تحفّظاً على تلك المصلحة الملزمة.