على المستطيع وإن لم يكن المستطيع موجوداً ، وبوجوب قطع يد السارق وإن لم تتحقق السرقة في الخارج ، ويفتي بوجوب الصوم في شهر رمضان وإن لم يحل الشهر بعد ، وهكذا.
وبالجملة : وظيفة المجتهد هي وظيفة الإمام عليهالسلام وهي بيان الأحكام المجعولة في الشريعة المقدّسة على الموضوع المقدّر وجوده بنحو القضيّة الحقيقية ، غاية الأمر أنّ علم الإمام عليهالسلام بالأحكام ينتهي إلى الوحي ، وعلم المجتهد بها حاصل من ظواهر الكتاب والسنّة ، كما تقدّم.
وإن شئت قلت : إنّ الآثار العقلية للقطع بالحكم ـ من لزوم متابعة القطع ، والتنجيز مع المطابقة والتعذير مع المخالفة ـ مختصّة بما إذا كان القطع متعلقاً بالحكم الفعلي. وأمّا جواز الافتاء مع القطع بالحكم فغير مختص بالحكم الفعلي ، بل يترتب على الأحكام الانشائية أيضاً كما عرفت. فلا وجه للالتزام بأنّ المراد من الحكم هو خصوص الفعلي ، بل الصحيح هو الأعم منه ومن الانشائي كما يقتضيه إطلاق كلام الشيخ قدسسره.
وأمّا ما أفاده صاحب الكفاية قدسسره من تداخل الأقسام في تقسيم الشيخ قدسسره فيمكن الجواب عنه بوجهين :
الوجه الأوّل : أنّ المراد من الظن هو الأمارة المعتبرة ، والمراد من الشك عدم قيام الحجة المعتبرة على الحكم على ما صرّح به الشيخ قدسسره في أوّل بحث البراءة (١) فلا تداخل أصلاً.
الوجه الثاني : أنّ التقسيم المذكور في كلام الشيخ قدسسره إنّما هو في رتبة سابقة على الحكم ، باعتبار أنّ المكلف الملتفت إلى حكم شرعي إمّا أن
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٥٤