وأمّا إن كان الشك ناشئاً من احتمال وجود القرينة فهو على قسمين : لأنّ منشأ الاحتمال تارةً يكون أمراً داخلياً ، كما إذا احتمل غفلة المتكلم عن نصب القرينة أو غفلة السامع عن سماعها ، بلا فرق بين من قصد إفهامه ومن لم يقصد.
واخرى يكون أمراً خارجياً ، كما إذا وقع التقطيع واحتمل سقوط القرينة معه ، ويلحق بهذا الباب ما لو عرض على السامع نوم أو سنة أثناء تكلم المتكلم ، فاحتمل ذكر القرينة في هذا الحال.
أمّا القسم الأوّل : فلا ريب في تحقق بناء العقلاء على عدم الاعتناء بالاحتمال لكن لا ابتداءً كما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) بل بعد إجراء أصالة عدم القرينة كما ذكره الشيخ قدسسره (٢) لأنّ مورد بناء العقلاء هو الأخذ بالظاهر ، فلا بدّ من إثباته أوّلاً باجراء أصالة عدم القرينة ، ثمّ الحكم بحجيته.
وأمّا القسم الثاني : فالمشهور فيه أيضاً عدم الاعتناء بالاحتمال ، إلاّأنّ المحقق القمي (٣) قدسسره منع فيه من الأخذ بما يكون اللفظ ظاهراً فيه على تقدير عدم وجود القرينة واقعاً ، وبنى عليه انسداد باب العلمي في الأحكام ، لوقوع التقطيع في الأخبار.
وما ذكره هو الصحيح من حيث الكبرى الكلّية ، إذ لم يثبت بناء من العقلاء على الأخذ بالظاهر التقديري ، أي المعلّق على عدم وجود القرينة واقعاً ، فلو وصل إليهم كتاب مزّق بعضه لا يعملون بظاهر الباقي ، مع احتمال وجود قرينة
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٨٦
(٢) فرائد الاصول ١ : ١٠١
(٣) قوانين الاصول ١ : ٤٥١ و ٤٥٢