إمّا عدم العلم بالموضوع له فلم يحرز المقتضي للظهور.
وإمّا احتمال قرينية الموجود ، أو احتمال وجود القرينة ، والجامع بينهما هو احتمال المانع عن الظهور بعد وجود المقتضي له ، سواء كان لاحتمال مانعية الموجود أو احتمال وجود المانع.
فإن كان الشك في المراد ناشئاً من عدم العلم بالموضوع له وبما يفهم من اللفظ عرفاً ، فلا إشكال في كون اللفظ مجملاً غير ظاهر في شيء ، والمرجع في مثله هو الأصل العملي ، وكذا الحال فيما إذا كان الشك ناشئاً من احتمال قرينية الموجود ، بأن يكون الكلام محتفاً بما يصلح للقرينية ، كما في الأمر الواقع في مقام توهم الحظر ، والضمير الراجع إلى بعض أفراد العام ، فلا ينعقد للكلام ظهور حتّى يؤخذ به ، نعم ، في خصوص ما إذا كان الكلام محتفاً بما يصلح للقرينية على المجاز بأن يكون الأمر دائراً بين المعنى الحقيقي والمجازي إن قلنا بأنّ أصالة الحقيقة بنفسها حجّة بلا حاجة إلى انقعاد الظهور ـ كما نسب إلى السيّد المرتضى قدسسره (١) ـ فيؤخذ بها ، وإن لم نقل بذلك كما هو الصحيح ، إذ الثابت ببناء العقلاء هو الأخذ بالظاهر لا العمل بأصالة الحقيقة مع عدم انعقاد الظهور للكلام ، فيكون الكلام أيضاً مجملاً لا ظهور له ليؤخذ به.
ولايخفى أنّه لو قلنا بمقالة السيّد قدسسره لا يمكن الأخذ بأصالة الحقيقة فيما إذا احتف العام بما يصلح للقرينيّة على التخصيص ، لما ذكرناه في بحث العام والخاص : من أنّ التخصيص لا يوجب المجازية في لفظ العام (٢) ، فليس احتمال التخصيص احتمالاً للتجوز ، ليدفع بأصالة الحقيقة.
__________________
(١) لاحظ الذريعة إلى اصول الشريعة ١ : ١٠ ـ ١١ و ٣٧٦ ـ ٣٧٧
(٢) تقدّم استخراجه في ص ١٤٨