فتحصّل : أنّ هذه الطائفة من الأخبار لا دخل لها بمحل الكلام.
الطائفة الثانية : هي الأخبار الدالة على المنع عن العمل بالخبر الذي لايكون عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله أو من سنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله (١) وهذه الطائفة وإن كانت وافية الدلالة على المدعى ، إلاّ أنّه لا يمكن الأخذ بظاهرها ، للعلم بصدور الأخبار التي لا شاهد لها من الكتاب والسنّة ، بل هي مخصصة لعموماتهما ومقيّدة لاطلاقاتهما على ما تقدّمت الاشارة إليه ، فلا بدّ من حمل هذه الطائفة على صورة التعارض ، كما هو صريح بعضها ، ولذا ذكرنا في بحث التعادل والترجيح أنّ موافقة عمومات الكتاب أو إطلاقاته من المرجّحات في باب التعارض (٢) ، أو على الأخبار المنسوبة إليهم عليهمالسلام في اصول الدين وما يتعلق بالتكوينيات ممّا لا يوافق مذهب الإمامية. وقد روي هذا النوع من الأخبار عنهم عليهمالسلام كثيراً ، بحيث إنّ الكتب المعتمدة المعتبرة عندنا ـ كالكتب الأربعة ونظائرها ـ مع كونها مهذّبة من هذا النوع من الأخبار قد يوجد فيها منه قليلاً ، ومن هذا القليل ما في الكافي الدال على أنّه لو علم الناس كيفية خلقهم لما لام أحد أحداً (٣) فانّ هذه الرواية صريحة في مذهب الجبر ومخالفة لنص القرآن ، لأنّ الله تعالى يلوم عباده بارتكاب القبائح والمعاصي.
هذا ، مضافاً إلى أنّ هذه الطائفة معارضة بما دلّ على حجّية خبر الثقة ، والنسبة بينهما هي العموم المطلق (٤) لأنّ مفاد هذه الطائفة عدم حجيّة الخبر
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١١٠ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١١ وغيره
(٢) راجع الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ٤٩٧
(٣) الكافي ٢ : ٤٤ / باب آخر من درجات الإيمان ح ١ (باختلاف يسير)
(٤) بل العموم من وجه ، لافتراق الأوّل عن الثاني في الخبر الذي لا شاهد عليه من الكتاب أو السنّة ، ولم يكن مخبره ثقة. وافتراق الثاني عن الأوّل في الخبر الذي يكون مخبره ثقة وعليه شاهد من الكتاب أو السنّة ، واجتماعهما في الخبر الذي لا شاهد له من الكتاب أو السنّة ، ومخبره ثقة. فانّ مقتضى دليل حجّية خبر الثقة هو حجّيته ، ومقتضى هذه الطائفة عدمها ، فيقع التعارض بينها لا محالة ، والمتعيّن تخصيص الأوّل بالثاني والحكم بحجّية خبر الثقة الذي ليس له شاهد من الكتاب أو السنّة دون العكس. وعليه لا يبقى شيء تحت الثاني ، أو يكون الباقي قليلاً جدّاً