المخالفة للكتاب والسنّة بنحو التخصيص أو التقييد فليست مشمولة لهذه الطائفة ، للعلم بصدور المخصص لعمومات الكتاب والمقيد لاطلاقاته عنهم عليهمالسلام كثيراً ، إذ لم يذكر في الكتاب إلاّأساس الأحكام بنحو الاجمال ، كقوله تعالى : «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» (١) وأمّا تفصيل الأحكام وبيان موضوعاتها فهو مذكور في الأخبار المروية عنهم عليهمالسلام.
وإن شئت قلت : ليس المراد من المخالفة في هذه الطائفة هي المخالفة بالتخصيص والتقييد ، وإلاّ لزم تخصيصها بموارد العلم بتخصيص الكتاب فيها ، مع أنّها آبية عن التخصيص ، وكيف يمكن الالتزام بالتخصيص في مثل قوله عليهالسلام : «ما خالف قول ربّنا لم نقله» (٢). وبالجملة الخبر المخصص لعموم الكتاب أو المقيّد لاطلاقه لا يعدّ مخالفاً له في نظر العرف ، فالمراد من المخالفة في هذه الطائفة هي المخالفة بنحو التباين أو العموم من وجه.
ودعوى أنّ هذه الأهمّية والتأكيد في هذه الأخبار لا تناسب أن يكون المراد من المخالفة هي المخالفة بنحو التباين والعموم من وجه ، لأنّ الوضّاعين لم يضعوا ما ينافي الكتاب بالتباين أو العموم من وجه ، لعلمهم بأنّ ذلك لا يقبل منهم غير مسموعة إذ الوضّاعون ما كانوا ينقلون عن الأئمة عليهمالسلام حتّى لا يقبل منهم الخبر المخالف للكتاب بالتباين والعموم من وجه ، بل كانوا يدسّون تلك المجعولات في كتب الثقات من أصحاب الأئمة عليهمالسلام ، كما روي عن أبي عبدالله عليهالسلام أنّه لعن المغيرة ، لأنّه دسّ في كتب أصحاب أبيه عليهماالسلام أحاديث كثيرة (٣).
__________________
(١) البقرة ٢ : ٤٣
(٢) تقدّم استخراجه في الصفحة السابقة
(٣) بحار الأنوار ٢ : ٢٤٩ / كتاب العلم ب ٢٩ ح ٦٢