عرفت ، فلا تنافي بينهما ليكون التعليل مانعاً عن ظهور الجملة الشرطية في المفهوم.
ثمّ إنّه ربّما يستشكل على كون المفهوم حاكماً على التعليل بأ نّه لو اقتصر في التعليل بقوله تعالى : «أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ» لأمكن الالتزام بكون المفهوم حاكماً على التعليل ، باعتبار أنّ خبر العادل قد اعتبر علماً بالتعبد ، فهو خارج عن الجهالة موضوعاً ببركة التعبد. ولكن التعليل في الآية المباركة مذيّل بما يكون معه مانعاً عن المفهوم ، وهو قوله تعالى : «فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ» إذ الندم لا يكون إلاّلأجل الوقوع في مفسدة مخالفة الواقع. وهذا التعليل مانع عن المفهوم ، لأنّ العمل بخبر العادل أيضاً لا يؤمن معه من الندم الناشئ من الوقوع في مفسدة مخالفة الواقع.
وفيه : أنّ الوقوع في مفسدة مخالفة الواقع تارةً يكون مع العمل بالوظيفة المقررة شرعاً. واخرى يكون مع عدم العمل بها ، والأوّل كما إذا عمل بالبيّنة الشرعية في مورد ثمّ انكشف خلافها ، والثاني كما إذا عمل بخلاف البيّنة فوقع في مفسدة مخالفة الواقع ، والندم في القسم الأوّل ممّا لا أثر له ، إذ المكلف فيه معذور في مخالفة الواقع ، ولا يكون مستحقاً للعقاب ، بخلاف الندم في القسم الثاني ، فانّ المكلف لايكون معذوراً في مخالفة الواقع ، ويكون مستحقاً للعقاب.
وليس المراد من الندم في الآية الشريفة هو القسم الأوّل قطعاً وإلاّ يسقط جميع الأمارات والطرق عن الحجّية في الشبهات الحكمية والموضوعية ، لأنّ احتمال الوقوع في مخالفة الواقع موجود في الجميع ، بل في القطع الوجداني أيضاً ، لاحتمال كونه جهلاً مركباً ، وإن لم يكن القاطع ملتفتاً حين قطعه إلى ذلك.
وبالجملة : مجرد الندم على الوقوع في مفسدة مخالفة الواقع مع كون المكلف عاملاً بالوظيفة غير مستحق للعقاب لا يكون منشأ لأثر من الآثار ، ولا يصحّ