وفيه : أنّ الراوي أيضاً قد ينذر بنقله ، كما إذا نقل رواية دالة على وجوب شيء أو على حرمة شيء ، فانّ نقل هذه الرواية إنذار ضمني بالعقاب على الترك أو الفعل ، كما في إفتاء المفتي بوجوب شيء أو حرمة شيء ، فيجب الحذر عند نقل هذه الرواية بمقتضى الآية الشريفة ، وتثبت حجّية غيره من الأخبار التي لا إنذار فيها لكون الراوي عامياً ، أو كان مفاد الرواية حكماً غير إلزامي بعدم القول بالفصل. هذا على تقدير كون الآية نازلة في مقام التشريع وجعل الحجّية للخبر ، وأمّا بناءً على كونها كاشفة عن حجّية الخبر السابقة على نزول الآية وأ نّها سيقت على نحو تكون حجّية الخبر مفروغاً عنها قبل نزولها كما هو الظاهر ، فلانحتاج إلى التسمك بعدم القول بالفصل ، إذ الآية الشريفة ـ على هذا التقدير ـ كاشفة عن حجّية الخبر على الاطلاق ، وأنّ وجوب الحذر عند الانذار إنّما هو من باب تطبيق الكبرى الكلّية على بعض المصاديق.
الايراد الثالث : أنّ ظاهر الآية الشريفة كون وجوب الحذر مترتباً على الانذار بما تفقّه ، لا على مطلق الانذار ، فيختص بما إذا احرز كون الانذار بما تفقّه ، أي احرز كون الخبر مطابقاً للواقع. والفرق بين هذا الايراد والايراد الأوّل ظاهر ، فانّ الايراد الأوّل راجع إلى عدم صحّة التمسك باطلاق وجوب الحذر ، لعدم كونه وارداً في مقام البيان ، لأنّ الآية وردت لبيان وجوب التفقه والانذار لا لبيان وجوب الحذر ، فلم تتم مقدّمات الحكمة ، بخلاف هذا الايراد فانّه راجع إلى منع الاطلاق رأساً ، باعتبار أنّ وجوب الحذر مقيّد بما إذا كان الانذار بما تفقّه في الدين.
وفيه : أنّ الاخبار بوجوب شيء أو بحرمة شيء لا ينفك عن الانذار بما تفقّه ، إذ الاخبار بالوجوب إنذار بالعقاب على الترك بالدلالة الالتزامية ، وكذا