الاخبار بالحرمة إنذار بالعقاب على الفعل ، كما أنّ الانذار بالعقاب على الترك إخبار بالوجوب ، والانذار بالعقاب على الفعل إخبار بالحرمة بالدلالة الالتزامية ، وأمّا كون المخبر به مطابقاً للواقع أو غير مطابق له ، فهو خارج عن مدلول الخبر ، لما ذكرناه في مقام الفرق بين الخبر والانشاء من أنّ مدلول الخبر هو الحكاية عن ثبوت شيء أو نفيه ، وأمّا كون المحكي عنه مطابقاً للواقع أو غير مطابق له ، فهو خارج عن مدلول الخبر (١). وبالجملة : الاخبار عن الوجوب والحرمة إنذار بما تفقّه في الدين دائماً ، وإن كان المخبر به غير مطابق للواقع.
الايراد الرابع : أنّ المأخوذ في الآية عنوان التفقّه ، فيكون الحذر واجباً عند إنذار الفقيه بما هو فقيه ، فلا يشمل إنذار الراوي بما هو راو ، فيكون مفاد الآية حجّية فتوى الفقيه للعامي لا حجّية الخبر. ولايمكن التمسك بعدم القول بالفصل في المقام ، لعدم ارتباط أحد الأمرين بالآخر. وإن شئت قلت : إنّ القول بالفصل بين حجّية فتوى الفقيه وحجّية الخبر موجود ، فلايدل الدليل على حجّية فتوى الفقيه على حجّية الخبر بضميمة عدم القول بالفصل بينهما.
وفيه : أنّ التفقه في زمن المعصومين عليهمالسلام لم يكن بهذه الصعوبة الموجودة في زماننا ، فانّها حصلت من كثرة الروايات ، وتعارضها في العبادات وقلّتها في المعاملات ، فالسلف من الرواة كان يصدق عليهم الفقيه بمجرّد سماع الحديث وحفظه ، لكونهم من أهل اللسان ، فكانوا يعرفون معاني كلامهم عليهمالسلام ، فكانوا فقهاء كما ورد عنهم عليهمالسلام : «أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا» (٢) ، فكانوا فقهاء فيما ينقلونه عن الأئمة عليهمالسلام ، وإذا ثبتت حجّية خبر الراوي الفقيه بمقتضى الآية ، ثبتت حجّية خبر الراوي غير الفقيه بعدم القول بالفصل.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٩٤ ـ ٩٧
(٢) الوسائل ٢٧ : ١١٧ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٧