بوجوب العمل بالخبر من باب الاحتياط ، لأنّ المانع من جريان الأصل أحد أمرين كلاهما مفقود في المقام :
أحدهما : ارتفاع موضوع الأصل وهو الشك بالعلم الوجداني أو التعبدي ، كما إذا قامت الحجّة في مورده والمفروض انتفاء العلم الوجداني وعدم كون الخبر حجّة.
ثانيهما : لزوم المخالفة العملية القطعية ، والمفروض كون الأصل مثبتاً للتكليف كالخبر ، فلا يلزم من جريانه مخالفة عملية أصلاً فلا مانع من جريانه ، إلاّ أنّه لا ثمرة عملية بين الالتزام بجريانه والالتزام بعدم جريانه ، إذ المفروض كون الأصل مثبتاً للتكليف كالخبر.
نعم ، يظهر الفرق بينهما في صحّة إسناد الحكم إلى المولى على تقدير جريان الأصل فيما إذا كان من الاصول المحرزة ، فانّه صحّ إسناد الوجوب المستصحب إلى المولى ، بخلاف ما لو التزمنا بعدم جريان الأصل ، فانّه لا يصح إسناد الحكم إلى المولى حينئذ ، لأنّ المفروض عدم حجّية الخبر ووجوب العمل به من باب الاحتياط ، فكان إسناد الحكم إلى المولى تشريعاً محرّماً كما تقدّم. هذا كلّه على تقدير وجوب العمل بالخبر من باب الاحتياط.
وأمّا على القول بكونه حجّة فلا مجال لجريان الأصل ، لارتفاع موضوعه ـ وهو الشك ـ بالتعبد الشرعي ، كما هو ظاهر.
وظهر بما ذكرناه أنّ الفرق بين حجّية الخبر ووجوب العمل به من باب الاحتياط في هذا الفرض من وجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّه على تقدير حجّيته لا يجري الأصل ، وعلى تقدير وجوب العمل به من باب الاحتياط لا مانع من جريانه ، وإن لم يفترق الحال في مقام العمل