والمفاسد في متعلقاتها ، فالظن بالوجوب لا يستلزم الظن بالضرر في المخالفة ، بل مستلزم للظن بفوات المصلحة ، ولا يصدق عليه الضرر فانّه عبارة عن النقص المالي أو البدني أو العقلي والروحي. وكذا الحال في التكاليف التحريمية الناشئة عن المفاسد النوعية الراجعة إلى اختلال النظام كحرمة قتل النفس وحرمة أكل مال الغير غصباً ، فانّه ليس في ارتكاب تلك المحرّمات ضرر دنيوي على الفاعل ، فالظن بمثل هذا النوع من الحرمة لا يستلزم الظن بالضرر. نعم ، يستلزم الظن بالمفسدة النوعية الراجعة إلى اختلال النظام ، ففي مورد الظن بالتكليف الوجوبي ومورد الظن بهذا النوع من التكليف التحريمي ، كانت الصغرى والكبرى كلتاهما ممنوعة. ودعوى لزوم جلب المصلحة المظنونة ولزوم دفع المفسدة النوعية المظنونة ساقطة لا شاهد عليها ، وإلاّ لزم الاحتياط في الشبهة الموضوعية ، مع احتمال الوجوب أو احتمال هذا النوع من الحرمة ، ولم يلتزم به أحد.
وأمّا التكاليف التحريمية الناشئة عن المفسدة الشخصية ، بمعنى كون الحرمة ناشئة عن الضرر المتوجه إلى شخص المرتكب ، كحرمة أكل السم وحرمة شرب الخمر ونحو ذلك ممّا يكون في ارتكابه ضرر على الفاعل ونقص في بدنه أو في ماله أو في عقله أو في عرضه ، فالظن بمثل هذا النوع من التحريم وإن كان يستلزم الظن بالضرر إلاّأنّ الكبرى ممنوعة ، إذ لم يدل دليل على وجوب دفع الضرر الدنيوي المظنون في هذه الموارد ممّا لم يكن التكليف فيه منجّزاً ، وإلاّ لزم الاحتياط في الشبهات الموضوعية أيضاً مع الظن بالضرر ، ولم يلتزم به أحد.
بل يمكن أن يقال : إنّه لا دليل على وجوب دفع الضرر الدنيوي المتيقن ، ولا سيّما إذا كان فيه غرض عقلائي ، فكيف بالضرر المظنون أو المحتمل. نعم ، قد دلّ الدليل على حرمة الاضرار بالنفس في موارد خاصّة ، كقتل الانسان نفسه أو قطع بعض أعضائه ، كما دلّ الدليل على حرمة ارتكاب ما يخاف ضرره في