من بقاء الحكم الشرعي الواقعي على حاله ، فهو المنشأ للحرج والضرر ، إذ الشيء يسند إلى أسبق العلل ، فيكون المرتفع بأدلة نفي الحرج والضرر هو الحكم الشرعي الواقعي ، فيرتفع وجوب الاحتياط بارتفاع موضوعه.
واختار صاحب الكفاية قدسسره عدم حكومة قاعدة نفي الحرج والضرر على قاعدة الاحتياط ، بدعوى أنّ ظاهر الأدلة إنّما هو نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، وأنّ النفي بحسب ظاهر الأدلة متوجّه إلى الفعل الحرجي أو الضرري ويكون المراد نفي الحكم عن الفعل الحرجي أو الضرري ، نظير قوله عليهالسلام : «لا رِبا بين الوالد والولد» (١) فانّه نفي للحكم بلسان نفي الموضوع. فإذن لاتكون قاعدة نفي الحرج والضرر حاكمة على قاعدة الاحتياط ، إذ الفعل الذي تعلّق به الحكم الشرعي واقعاً المردد بين أطراف الشبهة ليس حرجياً ولا ضررياً كي يرتفع حكمه بأدلة نفي الحرج والضرر ، بل الحرج إنّما ينشأ من الاحتياط والجمع بين المحتملات ، ووجوب الجمع بين المحتملات ليس حكماً شرعياً ليرتفع بأدلة نفي الحرج ، وإنّما هو بحكم العقل ، وعليه فلا بدّ من الاحتياط وإن كان مستلزماً للعسر والحرج (٢).
والصحيح ما ذكره الشيخ قدسسره من حكومة قاعدة نفي الحرج على قاعدة الاحتياط.
أمّا أوّلاً : فلأنّ ظاهر أدلة نفي الحرج أو الضرر ليس نفي الحكم بلسان نفي الموضوع على ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره لأنّ الفعل الضرري ليس مذكوراً في لسان الأدلة ، إنّما المذكور لفظ الضرر ، وليس لفظ الضرر عنواناً
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١٣٥ / أبواب الرِّبا ب ٧ ح ١ و ٣ وفيهما : «ليس بين الرجل وولده رِبا»
(٢) كفاية الاصول : ٣١٣