للفعل ليكون النفي راجعاً إلى الفعل الضرري ، فلو كان المراد نفي الحكم بلسان نفي الموضوع لكان المفاد نفي حرمة الضرر ، كما هو الحال في قوله عليهالسلام : «لا ربا بين الوالد والولد» فانّ المراد نفي حرمة الرِّبا بينهما ، فلو كان المراد من قوله عليهالسلام : «لا ضرر ...» إلخ (١) نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، لكان معناه نفي حرمة الاضرار بالغير ، وهذا ممّا لم يلتزم به أحد حتّى صاحب الكفاية نفسه قدسسره ، فانّ حرمة الاضرار بالغير ممّا لا كلام فيه ، بل ولا إشكال في حرمة الاضرار بالنفس في الجملة. فهذا المعنى ممّا لا يمكن الالتزام به في أدلة نفي الحرج والضرر ، فيدور الأمر بين أن يكون المراد من النفي هو النهي فيكون المراد النهي عن الاضرار بالغير كما هو الحال في قوله تعالى : «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ» (٢) فانّ المراد نهي المحرم عن هذه الامور وحرمتها عليه ، وكذا قوله صلىاللهعليهوآله : «لا رهبانية في الاسلام» (٣) فانّ المراد منه النهي عن الرهبانية. والتزم بهذا المعنى شيخنا الشريعة في رسالته المعمولة في قاعدة لا ضرر (٤) ، وأصرّ عليه.
وأن يكون المراد هو النفي ، وحيث إنّ النفي التكويني للضرر والحرج غير معقول ، فيكون المراد منه النفي التشريعي ، بمعنى أنّه لا ضرر ولا حرج في الشريعة. وهذا المعنى راجع إلى ما ذكره الشيخ قدسسره من أنّ المراد نفي الحكم الضرري ونفي الحكم الحرجي في الشريعة ، وهذا المعنى هو الظاهر من
__________________
(١) ستُذكر مصادره عند البحث عن قاعدة لا ضرر فراجع ص ٦٠٠ و ٦٠١
(٢) البقرة ٢ : ١٩٧
(٣) المستدرك ١٤ : ١٥٥ / أبواب مقدّمات النكاح ب ٢ ح ٢
(٤) قاعدة لا ضرر : ٢٥