كما إذا انحصر الماء في إناءين وعلم إجمالاً بنجاسة أحدهما ، وكان الاجتناب عنهما حرجاً على المكلف ، فيجب الاجتناب عنهما على مسلك صاحب الكفاية قدسسره دون مسلك الشيخ قدسسره على ما عرفت. وتظهر الثمرة بينهما أيضاً في ثبوت خيار الغبن بقاعدة نفي الضرر ، لأنّ الضرر المتوجه إلى المغبون ناشئ من حكم الشارع باللزوم ، فيرتفع بقاعدة نفي الضرر على مسلك الشيخ قدسسره دون مسلك صاحب الكفاية قدسسره إذ متعلق اللزوم وهو العقد ليس ضررياً ، فلا يرتفع على هذا المسلك.
فتحصّل ممّا ذكرناه في المقام : أنّ الاحتياط التام في جميع الشبهات غير واجب إمّا لعدم إمكانه ، أو لاستلزامه اختلال النظام ، أو لكونه موجباً للعسر والحرج. وأمّا التبعيض في الاحتياط بما لا يلزم منه الاختلال ولا العسر فلا مناص من الالتزام بوجوبه على تقدير تمامية مقدّمات الانسداد ، إذ لم يدل دليل على عدم وجوبه أو عدم جوازه. ودعوى الاجماع على عدم رضى الشارع بالامتثال الاجمالي في معظم أحكامه غير مسموعة ، لأنّ المسألة مستحدثة ، فدعوى اتفاق الفقهاء من المتأخرين والمتقدمين ممنوعة جداً. وعلى فرض تسليم الاتفاق لا يكون كاشفاً عن رأي المعصوم ، لاحتمال أن يكون مدرك المجمعين هو اعتبار قصد الوجه أو التمييز في العبادات ، فلا ينفع لمن يرى عدم اعتبارهما كما هو الصحيح على ما ذكرناه في محلّه (١).
وأمّا ما ذكره في هامش الرسائل (٢) من أنّ الاجماع وإن لم يكن مقطوعاً به إلاّ أنّه مظنون ، والظن به يستلزم الظن بأنّ الشارع جعل حجّة حال الانسداد وقد فرضنا أنّها الظن دون غيره ، فيحصل لنا الظن بحجّية الظن. ولا فرق في
__________________
(١) ذكره في ص ٨٧ و ٨٨
(٢) فرائد الاصول ١ : ٢٤٨