وتسمّى بالبحث عن المداليل تارةً وعن الاستلزامات العقلية اخرى ، وهذه المسائل وإن ذكرها الاصوليون في مباحث الألفاظ ، إلاّ أنّها ليست منها ، إذ البحث فيها إنّما هو عن لوازم نفس الأحكام بما هي لا بما هي مدلولة للأدلة اللفظية ، فلا ربط لها بمباحث الألفاظ.
القسم الثاني : ما يوصلنا إلى الحكم الشرعي بالتعبد ، وهذا على نوعين :
النوع الأوّل : ما يكون البحث فيه صغروياً ، كمباحث الألفاظ ، فانّ البحث فيها إنّما هو عن الصغرى ونفس الظهور ، كالبحث عن أنّ الأمر ظاهر في الوجوب أم لا؟ والنهي ظاهر في الحرمة أم لا؟ وكذا سائر مباحث الألفاظ ، فانّها بحث عن الظهور. وأمّا الكبرى وهي حجّية الظواهر فمسلّمة عند العقلاء والعلماء بلا خلاف فيها. ولايبحث عنها في علم الاصول ، وإن توهم اختصاصها بمن قصد إفهامه وتقدّم دفعه في محلّه (١).
النوع الثاني : ما يكون البحث فيه كبروياً ، أي يكون البحث فيه عن حجّية شيء لاثبات الأحكام الشرعية ، كالبحث عن حجّية الخبر ، والبحث عن حجّية الاجماع المنقول ، والبحث عن حجّية الشهرة. ومنه البحث عن حجّية الظن الانسدادي على الكشف. وهذا النوع هو القسم الثالث من المسائل الاصولية ، كما أنّ مباحث الألفاظ هي القسم الثاني منها.
القسم الرابع : ما لا يوصلنا إلى الحكم الواقعي بالقطع الوجداني ولا بالتعبد الشرعي ، بل يبحث فيه عن القواعد المتكفلة لبيان الأحكام الظاهرية في فرض الشك في الحكم الواقعي وتسمّى هذه القواعد بالاصول العملية الشرعية ، ويعّبر عن الدليل الدال على الحكم الظاهري بالدليل الفقاهتي ، كما يعبّر عن الدليل
__________________
(١) راجع ص ١٣٧ ـ ١٤٢