الدال على الحكم الواقعي بالدليل الاجتهادي.
ووجه المناسبة في هذا التعبير والاصطلاح : ما ذكروه في تعريف الفقه والاجتهاد ، فانّهم عرّفوا الفقه بأ نّه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية. ومرادهم من الأحكام هو الأعم من الأحكام الظاهرية والواقعية ، بقرينة ذكر لفظ العلم ، ضرورة أنّ الأحكام الواقعية لا طريق إلى العلم بها غالباً ، فناسب أن يسمّى الدليل الدال على الحكم الظاهري بالدليل الفقاهتي ، لكونه مثبتاً للحكم المذكور في تعريف الفقه. وعرّفوا الاجتهاد بأ نّه استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي ، ومن الواضح أنّ المراد بالحكم هو خصوص الواقعي بقرينة أخذ الظن في التعريف ، فانّه هو الذي قد يحصل الظن به للمجتهد. وأمّا الحكم الظاهري فيعلمه المجتهد لا محالة ، فناسب أن يسمّى الدليل الدال على الحكم الواقعي بالدليل الاجتهادي ، لكونه دليلاً على الحكم المذكور في تعريف الاجتهاد.
ولا يخفى أنّ تسمية الحكم المجعول في ظرف الشك في الحكم الواقعي بالحكم الظاهري إنّما هو لتميّزه عن الحكم الواقعي المجعول للشيء بعنوانه الأوّلي لا بعنوان أنّه مشكوك فيه ، وإلاّ فالحكم الظاهري أيضاً حكم واقعي مجعول للشيء بعنوان أنّه مشكوك فيه.
القسم الخامس : ما يبحث فيه عن القواعد المتكفلة لتعيين الوظيفة الفعلية عقلاً عند العجز عن جميع ما تقدّم ، فانّ المكلف إذا لم يصل إلى الحكم الواقعي بالقطع الوجداني ولا بالتعبد الشرعي ، وعجز أيضاً عن معرفة الحكم الظاهري ، تعيّن عليه الرجوع إلى ما يستقل به العقل من البراءة أو الاحتياط أو التخيير على اختلاف الموارد. وتسمّى هذه القواعد بالاصول العملية العقلية.
هذه هي مسائل علم الاصول على نحو الاجمال. وقد فرغنا عن البحث في