الذي هو مجرى للبراءة على أقسام ثمانية ، باعتبار أنّ الشبهة تارةً تكون وجوبية ، واخرى تحريمية. وعلى كلا التقديرين إمّا أن يكون منشأ الشك فقدان النص أو إجماله أو تعارض النصّين أو الامور الخارجية كما في الشبهات الموضوعية.
وتعرّض للبحث عن كل قسم مستقلاً.
والوجه في هذا التقسيم والبحث عن كل قسم مستقلاً أمران :
الأوّل : اختصاص بعض أدلة البراءة بالشبهة التحريمية ، كقوله عليهالسلام : «كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (١).
الثاني : أنّ النزاع المعروف بين الاصوليين والأخباريين أيضاً مختص بها ، وأمّا الشبهة الوجوبية فوافق الأخباريون الاصوليين في الرجوع إلى البراءة إلاّ المحدِّث الاسترابادي (٢).
ولا يخفى أنّ الأقسام غير منحصرة في ثمانية ، إذ من الشك في التكليف الذي هو مورد للبراءة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة والاباحة ، وعليه كانت الأقسام اثني عشر لا ثمانية.
وجعل صاحب الكفاية قدسسره (٣) البحث عاماً لمطلق الشك في التكليف الجامع بين جميع الأقسام المذكورة ، إلاّفرض تعارض النصّين فأخرجه من هذا البحث ، بدعوى أنّه ليس مورداً للبراءة ، لأنّ المتعيّن فيه الرجوع إلى المرجّحات ، ومع فقدها يتخيّر. فالبحث عنه راجع إلى التعادل والترجيح لا إلى البراءة ، لأنّ أصالة البراءة تكون مرجعاً عند عدم الدليل ، ومع وجود
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٧٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٦٧ (في الطبعة القديمة ح ٦٠)
(٢) الفوائد المدنية : ١٣٨
(٣) كفاية الاصول : ٣٣٨