الثامن من تنبيهات الاستصحاب هذا الايراد إلى الشيخ قدسسره.
أقول : أمّا نسبة هذا الايراد إلى الشيخ قدسسره فالظاهر أنّها غير مطابقة للواقع ، لأنّ الشيخ قدسسره قائل بجريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية ، كما صرّح بذلك في عدّة موارد من الرسائل والمكاسب (١) ، وذكر (٢) أيضاً في جملة التفصيلات في جريان الاستصحاب التفصيل بين الوجود والعدم ، وردّه بأ نّه لا فرق في جريان الاستصحاب بين الوجود والعدم. وبالجملة : الشيخ وإن كان قائلاً بعدم صحّة الاستدلال على البراءة بالاستصحاب ، إلاّ أنّه ليس لأجل هذا الايراد الذي ذكره صاحب الكفاية قدسسره ونسبه إليه.
وسيجيء بيان إيراد الشيخ قدسسره على الاستصحاب المذكور قريباً إن شاء الله تعالى.
وأمّا أصل الايراد المذكور فيردّه : أنّ اعتبار كون المستصحب أمراً مجعولاً بنفسه أو بأثره ممّا لم يدل عليه دليل من آية ولا رواية ، إنّما المعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب قابلاً للتعبد الشرعي ، ولا خفاء في أنّ عدم التكليف كوجوده قابل للتعبد. وتوهم أنّه لا بدّ من أن يكون المستصحب قابلاً للتعبد حدوثاً والعدم الأزلي لا يكون حادثاً ، مدفوع بأنّ المعتبر كونه قابلاً للتعبد عند جريان الاستصحاب وفي ظرف الشك ، فيكفي كون المستصحب قابلاً للتعبد بقاءً وإن لم يكن قابلاً له حدوثاً. وسيأتي الكلام في ذلك مفصلاً في بحث الاستصحاب (٣) إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) صرّح بذلك في مطارح الأنظار : ١٩٤ السطر ٣٢
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٤٩ و ٥٨٨
(٣) راجع الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ٢١١