انطباق المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الكبير على المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الصغير. بخلاف ما لو علمنا إجمالاً بوجود ثلاث شياه محرّمة في جملة البيض من القطيع ، فانّ العلم الاجمالي الأوّل لا ينحل بالعلم الثاني ، إذ لو أفرزنا ثلاث شياه بيض ، بقي علمنا الاجمالي بمغصوبية البعض الباقي بحاله ، لأنّ انطباق الخمس على الثلاث غير معقول.
وعليه فلاينبغي الشك في انحلال العلم الاجمالي الكبير بالعلم الاجمالي المتوسط ، إذ المعلوم بالاجمال في الأوّل لا يزيد عدداً على المعلوم بالاجمال في الثاني ، لأنّ منشأ العلم الاجمالي الكبير هو العلم باستلزام الشرع لوجود أحكام وتكاليف ، ويكفيه المقدار المعلوم بالاجمال في موارد قيام الأمارات. وكذا العلم الاجمالي الثاني ينحل بالعلم الاجمالي الثالث ، لأنّا لو أفرزنا مقداراً من أطراف العلم الثالث ، أي الأخبار المعتبرة في كل باب من أبواب الفقه ، بحيث يكون المجموع بمقدار المعلوم بالاجمال في العلم الثالث ، لم يبق لنا علم إجمالي بوجود التكاليف في غيره ، ولو مع ضم سائر الأمارات ، بل وجود التكاليف في غيره مجرّد احتمال ، فيستكشف بذلك أنّ المعلوم بالاجمال في العلم الثاني لا يزيد عدداً على المعلوم بالاجمال في العلم الثالث ، فينحل العلم الثاني بالعلم الثالث لا محالة.
ثمّ إنّ ما ذكرناه من الانحلال مبني على العلم الوجداني بمطابقة الأمارات المعتبرة للواقع بمقدار ما علم إجمالاً ثبوته في الشريعة المقدّسة من التكاليف على ما تقدّم بيانه ، وهذا الأمر وإن كان صحيحاً ، إلاّ أنّه لو منع منه القائل بوجوب الاحتياط ، وادعى عدم العلم بمطابقة الأمارات للواقع بمقدار المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الأوّل ، فنحن ندّعي الانحلال حتّى مع عدم العلم الوجداني بمطابقة الأمارات المعتبرة للواقع.
وتوضيح ذلك : أنّ العلم الاجمالي متقوّم دائماً بقضيّة منفصلة مانعة الخلو ،