فانّها مترتبة على عنوان الميتة ، والموت في عرف المتشرعة ـ على ما صرّح به مجمع البحرين (١) ـ زهاق النفس المستند إلى سبب غير شرعي ، كخروج الروح حتف الأنف أو بالضرب أو الشق ونحوها ، فيكون أمراً وجودياً لا يمكن إثباته بأصالة عدم التذكية ، وعليه فيتمّ ما ذكره الفاضل النراقي قدسسره من معارضة اصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت ، فيتساقطان ويرجع إلى قاعدة الطهارة (٢) ، وإن كان التحقيق جريانهما معاً ، إذ لا يلزم منه مخالفة عملية ، ومجرّد كون عدم التذكية ملازماً للموت ـ لأنّ التذكية والموت ضدّان لا ثالث لهما ـ غير مانع عن جريانهما ، فانّ التفكيك بين اللوازم في الاصول العملية غير عزيز ، كما في المتوضئ بمائع مردد بين الماء والبول مثلاً ، فانّه محكوم بالطهارة الخبثية دون الحدثية للاستصحاب ، مع وضوح الملازمة بينهما بحسب الواقع ، ففي المقام يحكم بعدم جواز الأكل بمقتضى أصالة عدم التذكية ، وبالطهارة لأصالة عدم الموت.
ثمّ إنّ المحقق الهمداني قدسسره (٣) ذهب إلى أنّ النجاسة مترتبة على عدم التذكية ، واستدلّ على ذلك بما في ذيل مكاتبة الصيقل من قوله عليهالسلام : «فإن كان ما تعمل وحشياً ذكياً فلا بأس» (٤) باعتبار أنّ مفهومه أنّه لو لم يكن ذكياً ففيه بأس. والمراد بالبأس النجاسة ، لأنّها هي المسؤل عنها في المكاتبة. والظاهر عدم دلالة المكاتبة على ذلك ، وإنّما تدل على نفي البأس عمّا
__________________
(١) مجمع البحرين ٢ : ٢٢٣ وفيه : الموت ضدّ الحياة. وفي المصباح المنير : ٥٨٤ الميتة في عرف الشرع ما مات حتف أنفه أو قتل على هيئة غير مشروعة
(٢) عوائد الأيّام : ٦٠١ ، ولاحظ أيضاً ص ٦٠٦
(٣) مصباح الفقيه (الطهارة) : ٦٥٣ السطر ٢
(٤) الوسائل ٣ : ٤٦٢ و ٤٦٣ / أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ٤