البحث عن حكم الاضطرار إلى بعض الأطراف.
الصورة الثانية : ما تمكن فيه المكلف من الموافقة القطعية دون المخالفة القطعية ، فاختار المحقق النائيني قدسسره (١) فيه عدم تنجيز العلم الاجمالي بدعوى أنّ وجوب الموافقة القطعية متفرّع على حرمة المخالفة القطعية ، فإذا لم تحرم الثانية لم تجب الاولى. ولكنّك قد عرفت سابقاً (٢) أنّه لا ملازمة بينهما ، وأنّ الميزان في تنجيز العلم الاجمالي هو سقوط الاصول في أطرافه ، فعلى تقدير تمكن المكلف من الموافقة القطعية وجبت عليه ، لأنّ احتمال التكليف موجب لتنجيز الواقع لو لم يكن مؤمّناً من العقاب المحتمل على مخالفته ، فعجز المكلف عن المخالفة القطعية المستلزم لعدم حرمتها عليه لا يوجب عدم وجوب الموافقة القطعية المفروض قدرة المكلف عليها ، وعدم المؤمّن من احتمال العقاب على المخالفة. نعم ، لو كان عدم حرمة المخالفة القطعية مستنداً إلى قصور في ناحية التكليف لا إلى عجز المكلف عنها ، استلزم ذلك عدم وجوب الموافقة القطعية كما هو ظاهر ، ولكنّه خارج عن الفرض ، إذ الكلام في عدم حرمة المخالفة القطعية المستندة إلى عجز المكلف وعدم تمكنه منها.
فاتّضح ممّا ذكرناه أنّه لا فرق [في] تنجيز العلم الاجمالي بين كثرة الأطراف وقلّتها. نعم ، ربّما تكون كثرة الأطراف ملازمة لطروء بعض العناوين المانعة عن تنجيز العلم الاجمالي ، كالعسر والحرج والخروج عن محل الابتلاء ونحو ذلك ، إلاّأنّ العبرة بتلك العناوين لا بكثرة الأطراف ، فلو طرأ بعضها لمنع عن
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٧٣ ، فوائد الاصول ٤ : ١١٩
(٢) في ص ٤٢١