وثانياً : أنّ عدم القدرة على المخالفة القطعية غير منضبط في نفسه ، فانّه يختلف باختلاف المعلوم بالاجمال وباختلاف الأشخاص وباختلاف قلّة الزمان وكثرته وغير ذلك من الخصوصيات ، فليس له ضابط فكيف يكون ميزاناً لكون الشبهة غير محصورة.
وثالثاً : أنّ عدم التمكن من المخالفة القطعية إن اريد به عدم التمكن منها دفعةً ، فكثير من الشبهات المحصورة كذلك ، وإن اريد به عدم التمكن منها ولو تدريجاً فقلّما تكون شبهة غير محصورة ، إذ كثير من الشبهات التي تعدّ غير محصورة عندهم يتمكن المكلف من ارتكاب جميع أطرافها في ضمن سنة أو أكثر أو أقل.
فتحصّل : أنّه لم يظهر لنا معنىً محصّل مضبوط للشبهة غير المحصورة حتّى نتكلّم في حكمها.
والذي ينبغي أن يقال : إنّ العلم الاجمالي بالتكليف قد يتمكن المكلف معه من الموافقة القطعية والمخالفة القطعية ، وقد يتمكن من إحداهما دون الاخرى ، وقد لا يتمكن من شيء منهما. أمّا الفرض الأخير فلا إشكال في عدم تنجيز العلم الاجمالي فيه على ما تقدّم بيانه في بحث دوران الأمر بين المحذورين (١) وأمّا الفرض الأوّل فلا إشكال في تنجيزه على ما تقدّم (٢) بيانه أيضاً. وأمّا الفرض المتوسط فله صورتان :
الصورة الاولى : ما تمكن فيه المكلف من المخالفة القطعية دون الموافقة القطعية ، وقد عرفت أنّ العلم الاجمالي موجب للتنجيز بالمقدار الممكن ، فتحرم المخالفة القطعية وإن لم تجب الموافقة القطعية ، وسيأتي (٣) الكلام فيه مفصّلاً عند
__________________
(١) في ص ٣٨٥ ـ ٣٨٦
(٢) في ص ٣٨٩ ـ ٣٩٠
(٣) في ص ٤٤٣