القطعية ممّا لا يمكن الالتزام به بعد الاضطرار إلى الجامع ، لأنّ الموافقة القطعية إنّما تحصل بالاجتناب عنهما معاً وهو طرح لأدلة الاضطرار ، ويكون نظير الاجتناب عمّا اضطرّ إليه معيّناً ، وتبقى حرمة المخالفة القطعية بارتكابهما معاً على حالها ، إذ لا موجب لرفع اليد عنها بعد التمكن منها كما هو المفروض.
والذي تحصّل ممّا ذكرناه امور ينبغي الاشارة إليها لتوضيح المقام :
الأوّل : أنّ الحرام المعلوم بالاجمال لم يطرأ ما يوجب ارتفاعه ، لما عرفت من أنّ الاضطرار إنّما هو إلى الجامع لا إلى خصوص الحرام ليرتفع حكمه.
الثاني : أنّه لايمكن الترخيص في ارتكاب جميع الأطراف ، لاستلزامه الترخيص في المعصية ومخالفة التكليف الواصل.
الثالث : أنّه لا بدّ من رفع اليد عن وجوب الموافقة القطعية ، لتوقف رفع الاضطرار على ارتكاب بعض الأطراف ، فلا مناص من الترخيص في الارتكاب بمقدار يرتفع به الاضطرار.
الرابع : أنّه إن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحلال الواقعي ، فالحرمة الواقعية في الطرف الآخر باقية بحالها ، ولا وجه لرفع اليد عنها ، فانّ الحرام الواقعي لا يكون مضطراً إليه ، ولا انطبق عليه ما اختاره المكلف لرفع اضطراره ، وإن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحرام الواقعي ، فالحرمة الواقعية وإن لم ترتفع ، لأنّ اختيار المكلف له لرفع اضطراره لا يكشف عن تعلّق الاضطرار به ، فلا موجب لرفع حرمته ، إلاّأنّ الجهل به مستلزم للترخيص الظاهري في ارتكابه المستلزم لعدم العقاب عليه.
ونتيجة ما ذكرناه من الامور : أنّ التكليف في المقام في مرتبة متوسطة بين الشبهة البدوية التي لم يتنجز الواقع فيها أصلاً ، وبين العلم الاجمالي الذي لم يتعلّق