الصحيح على ما ذكرناه في محلّه (١). وبهذا الاستصحاب يحرز كونه ممّا أحلّه الله تعالى ، ولا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم دخوله في ملكه ، إذ لا يثبت بذلك كونه ملكاً للغير الذي هو الموضوع لحرمة التصرّف إلاّعلى القول بالأصل المثبت ولا نقول به. وأمّا جواز التصرف فلا يتوقف على كونه ملكاً له ، بل يكفيه عدم كونه ملكاً للغير ، فلا يكون الأصل بالنسبة إلى جواز التصرّف مثبتاً.
هذا كلّه فيما إذا لم تكن الأطراف مسبوقةً بملكية الغير ، كما لو اصطاد رجلان صيدين ، فغصب أحدهما صيد الآخر واشتبها وحصل لأحدهما النماء ، وأمّا إن كانت الأطراف مسبوقةً بملكية الغير ، كما إذا اشترى إحدى الشجرتين وغصب الاخرى فاشتبها وحصل لإحداهما النماء ، فلا إشكال في الحكم بضمان المنافع وحرمة التصرّف فيها ، لاستصحاب بقاء الشجرة في ملك مالكها وعدم انتقالها إليه. ومقتضى هذا الاستصحاب الحكم بملكية المنافع لمالك الشجرة ، فيحرم التصرّف فيها ويضمنها.
وتوهّم أنّ استصحاب بقاء الشجرة ذات النماء على ملك مالكها معارض باستصحاب بقاء الشجرة الاخرى على ملك مالكها للعلم الاجمالي بمخالفة أحدهما للواقع ، فاجراء الأصل في الشجرة ذات النماء دون الاخرى ترجيح بلا مرجح مدفوع بأ نّه لا معارضة بينهما ، لما عرفت غير مرّة من أنّ العلم الاجمالي بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع لا يمنع من جريانهما ما لم يستلزم المخالفة العملية كما في المقام.
هذا كلّه في التصرّفات غير المتوقفة على الملك كالأكل والشرب واللبس
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٣٦٠