كانت طهارة الثوب غير طهارة المطر لا محالة حاصلة من طهارة المطر حصول المعلول من العلّة. وبالجملة : نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ على فرض تحققها نجاسة جديدة حادثة ، والمفروض وجود الشك في تحققها والأصل عدمه. فلا ينبغي الشك في عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي ، لأنّ وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس موضوعه مركب من أمرين : النجس وملاقاته ، والعلم الاجمالي بنجاسة أحد المائعين ليس إلاّعلماً بما هو جزء الموضوع ، والجزء الآخر وهو الملاقاة مشكوك فيه ولايكون العلم منجّزاً له ، فيرجع عند الشك فيه إلى أصالة عدم ملاقاة النجس أو أصالة الطهارة.
وربّما يقال بوجوب الاجتناب عن الملاقي أيضاً ، ويستدل عليه بوجهين :
الوجه الأوّل : أنّ نجاسة الملاقي إنّما هي بنحو السراية الحقيقية من نجاسة الملاقى ، فنجاسة الملاقي متحدة مع نجاسة الملاقى ، غاية الأمر أنّها توسّعت بالملاقاة وثبتت لأمرين بعد ما كانت ثابتة لأمر واحد ، نظير ما لو قسّم ما في أحد الاناءين إلى قسمين وجعل كل قسم في إناء ، فكما يجب الاجتناب عن كليهما وعن الطرف الآخر تحصيلاً للموافقة القطعية ، كذلك يجب الاجتناب عن الملاقى والملاقي وعن الطرف الآخر تحصيلاً للموافقة القطعية. والدليل على كون تنجس الملاقي بنحو السراية الحقيقية من نجاسة الملاقى هو الخبر المروي عن الشيخ باسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى اليقطيني عن النضر بن سويد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام : «قال أتاه رجل فقال : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله؟ قال فقال أبو جعفر عليهالسلام : لا تأكله ، فقال له الرجل : الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي من أجلها ، فقال عليهالسلام : إنّك لم تستخف