أمّا الصورة الاولى : فقد وقع الخلاف بينهم في وجوب الاجتناب عن الملاقي فيها وعدمه ، فاختار شيخنا الأنصاري (١) قدسسره وتبعه المحقق النائيني (٢) قدسسره عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي ، بدعوى أنّ الأصل الجاري في الملاقي ـ بالكسر ـ متأخر رتبةً عن الأصل الجاري في الملاقى ـ بالفتح ـ إذ الشك في نجاسة الملاقي ناشئ عن الشك في نجاسة ما لاقاه ، ولا تصل النوبة إلى جريان الأصل في الملاقي إلاّبعد سقوط الأصل فيما لاقاه. وبعد سقوطه للمعارضة بينه وبين الأصل في الطرف الآخر يجري الأصل في الملاقي ـ بالكسر ـ بلا معارض.
وذهب صاحب الكفاية (٣) قدسسره إلى وجوب الاجتناب من الملاقي ـ بالكسر ـ باعتبار أنّ العلم الاجمالي كما تعلّق بالنجاسة المرددة بين الملاقى ـ بالفتح ـ والطرف الآخر ، كذلك تعلّق بالنجاسة المرددة بين الملاقي ـ بالكسر ـ وذاك الطرف ، فالأمر دائر بين نجاسة الملاقى والملاقي ونجاسة الطرف الآخر ، نظير ما لو علمنا إجمالاً بوقوع نجاسة في الاناء الكبير أو في الاناءين الصغيرين ، فكما يجب الاجتناب عن جميع الأواني الثلاث في هذا المثال ، كذلك يجب الاجتناب في المقام عن الملاقى والملاقي والطرف الآخر ،
لعدم الفرق بين المثال وما نحن فيه ، إلاّفي أنّ نجاسة الملاقي مسبّبة عن نجاسة الملاقى في المقام ، بخلاف المثال فانّ نجاسة أحد الاناءين الصغيرين ليست مسببة عن نجاسة الآخر ، ومجرّد ذلك لا يوجب الفرق في التنجيز بعد كون نسبة العلم الاجمالي إلى كليهما على حد سواء.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٢٤
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤٤٦ و ٤٥٠ ـ ٤٥٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٨٢ ـ ٨٨
(٣) كفاية الاصول : ٣٦٣