والصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره من وجوب الاجتناب عن الملاقي في هذه الصورة ، لأنّ الأصل الجاري في الملاقي ـ بالكسر ـ وإن كان متأخراً رتبةً عن الأصل الجاري في الملاقى ـ بالفتح ـ إلاّ أنّه أي الأصل الجاري في الملاقي ـ بالكسر ـ ليس متأخراً عن الأصل الجاري في الطرف الآخر ، كما أنّ الأصل الجاري في الملاقى ـ بالفتح ـ ليس متأخراً عنه ، فكما يقع التعارض بين جريان الأصل في الملاقى ـ بالفتح ـ وجريانه في الطرف الآخر ، كذلك يقع التعارض بين جريان الأصل في الملاقي ـ بالكسر ـ وجريانه في الطرف الآخر.
وبالنتيجة تسقط الاصول ويكون العلم الاجمالي منجّزاً ، فيجب الاجتناب عن الجميع الملاقى والملاقي والطرف الآخر.
وتوهّم أنّ الأصل الجاري في الملاقي ـ بالكسر ـ حيث يكون متأخراً عن الأصل الجاري في الملاقى ـ بالفتح ـ والأصل الجاري في الملاقى ـ بالفتح ـ مع الأصل الجاري في الطرف الآخر في رتبة واحدة ، فلزم كون الأصل الجاري في الملاقي ـ بالكسر ـ متأخراً عن الأصل الجاري في الطرف الآخر ، لأنّ المتأخر عن أحد المتساويين متأخر عن الآخر أيضاً لا محالة مدفوع بأنّ ذلك إنّما يتمّ في التقدّم والتأخّر من حيث الزمان أو من حيث الشرف ، دون التقدّم والتأخّر من حيث الرتبة ، لأنّ تأخر شيء عن أحد المتساويين في الرتبة لا يقتضي تأخره عن الآخر أيضاً ، فانّ وجود المعلول متأخر رتبة عن وجود علّته وليس متأخراً عن عدمها ، مع أنّ وجود العلّة وعدمها في رتبة واحدة ، لأنّه ليس بينهما علّية ومعلولية ، ويعبّر عن عدم العلّية والمعلولية بين شيئين بوحدة الرتبة.
وبعبارة اخرى : التقدّم والتأخّر الرتبي عبارة عن كون المتأخر ناشئاً من المتقدم ومعلولاً له ، وكون شيء ناشئاً من أحد المتساويين في الرتبة ومعلولاً له لايقتضي كونه ناشئاً من الآخر ومعلولاً له أيضاً. مضافاً إلى أنّ التقدّم والتأخّر