الرتبي إنّما تترتب عليهما الآثار العقلية دون الأحكام الشرعية ، لأنّها مترتبة على الموجودات الخارجية التي تدور مدار التقدّم والتأخّر الزماني دون الرتبي.
وممّا يدلّنا على ذلك : أنّه لو علم المكلف إجمالاً ببطلان وضوئه لصلاة الصبح أو بطلان صلاة الظهر لترك ركن منها مثلاً ، يحكم ببطلان الوضوء وبطلان صلاة الصبح وبطلان صلاة الظهر ، فتجب إعادة الصلاتين ، مع أنّ الشك في صلاة الصبح مسبب عن الشك في الوضوء ، وكان الأصل الجاري فيها في مرتبة متأخرة عن الأصل الجاري فيه ، إلاّ أنّه لا أثر لذلك بعد تساوي نسبة العلم الاجمالي إلى الجميع ، فتسقط قاعدة الفراغ في الجميع. ولو كان للتقدّم الرتبي أثر لكانت قاعدة الفراغ في صلاة الصبح جاريةً بلا معارض ، لتساقطها في الوضوء وصلاة الظهر للمعارضة ، فتجري في صلاة الصبح بلا معارض ، لكون جريان القاعدة فيها في رتبة متأخرة عن جريانها في الوضوء ، فيحكم بصحّة صلاة الصبح وبطلان الوضوء وصلاة الظهر. ولا أظن أن يلتزم به فقيه.
فتحصّل : أنّ الصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره من وجوب الاجتناب عن الملاقي في هذه الصورة.
وأمّا الصورة الثانية : وهي ما إذا كان زمان المعلوم بالاجمال سابقاً على زمان الملاقاة ، كما إذا علمنا يوم السبت بأنّ أحد هذين الاناءين كان نجساً يوم الخميس ، ولاقى أحدهما ثوب يوم الجمعة ، فقد ذكرنا في الدورة السابقة عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي فيها ، لأنّ المعلوم بالاجمال هي النجاسة المرددة بين الماءين في مفروض المثال. وأمّا الثوب فليس من أطراف العلم الاجمالي ، فيكون الشك في نجاسته شكاً في حدوث نجاسة جديدة غير ما هو معلوم إجمالاً ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه.
والفرق بين الصورتين : أنّه في الصورة الاولى لايكون تخلّل زماني بين نجاسة