الملاقى ـ بالفتح ـ على تقدير تحققها واقعاً ونجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ فالعلم الاجمالي قد تعلّق من أوّل الأمر بنجاسة الملاقى والملاقي والطرف الآخر ، نظير تعلّق العلم الاجمالي بنجاسة إناء كبير أو إناءين صغيرين. بخلاف الصورة الثانية لكون زمان المعلوم بالاجمال سابقاً على زمان الملاقاة ، فيكون الملاقي ـ بالكسر ـ غير داخل في أطراف العلم الاجمالي ، ويكون الشك شكاً في حدوث نجاسة جديدة ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه والحكم بعدم وجوب الاجتناب عنه. هذا ملخص ما ذكرناه في الدورة السابقة.
ولكن الظاهر عدم الفرق بين الصورتين ووجوب الاجتناب عن الملاقي في الصورة الثانية أيضاً ، إذ المعلوم بالاجمال فيها وإن كان سابقاً بوجوده الواقعي على الملاقاة ، إلاّ أنّه مقارن له بوجوده العلمي ، والتنجيز من آثار العلم بالنجاسة لا من آثار وجودها الواقعي ، وحيث إنّ العلم الاجمالي متأخر عن الملاقاة فلا محالة يكون الملاقي ـ بالكسر ـ أيضاً من أطرافه. ولا أثر لتقدّم المعلوم بالاجمال على الملاقاة واقعاً ، فانّا نعلم إجمالاً يوم السبت ـ في المثال المتقدِّم ـ بأن أحد الماءين والثوب نجس ، أو الماء الآخر وحده ، فيكون نظير العلم الاجمالي بنجاسة الاناء الكبير أو الاناءين الصغيرين ، فلا يمكن إجراء الأصل في الملاقي ـ بالكسر ـ لعين ما ذكرناه في الصورة الاولى ، فيجب الاجتناب عنه أيضاً.
وبعبارة اخرى : لا بدّ في جريان الأصل من الشك الفعلي كما يأتي التعرّض له مفصّلاً في باب الاستصحاب (١) إن شاء الله تعالى. ولا بدّ في التنجيز من العلم ، لعدم تنجّز التكليف بوجوده الواقعي ما لم يعلم به المكلف ، فقبل العلم
__________________
(١) راجع الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ١٠٩ / التنبيه الثاني من تنبيهات الاستصحاب