الاثبات ، فهو إنّما يتم فيما إذا دلّ دليل لفظي على وجوب شيء من دون ذكر عدل له ، فيتمسك باطلاقه لاثبات كون الوجوب تعيينياً. وأمّا فيما إذا لم يكن هناك دليل لفظي كما هو المفروض في المقام ، إذ محلّ كلامنا عدم وجود دليل لفظي والبحث عن مقتضى الاصول العملية وقد أشرنا إلى ذلك في أوّل بحث دوران الأمر بين التعيين والتخيير (١) ، فلا يترتب عليه الحكم بالوجوب التعييني في المقام بل لا ارتباط له بمحل البحث أصلاً.
الوجه الرابع : ما ذكره بعضهم من التمسّك بأصالة عدم وجوب ما يحتمل كونه عدلاً لما علم وجوبه في الجملة ، وبضم هذا الأصل إلى العلم المذكور يثبت الوجوب التعييني.
وفيه : أنّه إن اريد بالأصل المذكور أصالة البراءة العقلية بمعنى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فمن الظاهر أنّه غير جارٍ في المقام ، إذ لا يحتمل العقاب على ترك خصوص ما احتمل كونه عدلاً للواجب في الجملة. وأمّا الجامع بينهما فاستحقاق العقاب على تركه معلوم ، فلا معنى للرجوع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وإن اريد به البراءة الشرعية ، فهو أيضاً غير تام ، لأنّ تعلّق التكليف بالجامع معلوم على الفرض ، وتعلّقه بخصوص ما يحتمل كونه عدلاً غير محتمل ، فلا معنى لجريان البراءة فيهما. وأمّا جريان البراءة في جعل العدل لما علم وجوبه في الجملة ، فهو راجع إلى جريان البراءة عن الاطلاق ، ومن الواضح عدم جريانها ،
__________________
(١) في ص ٥٢٠