الوجه الثالث : ما ذكره المحقق النائيني (١) قدسسره أيضاً : وهو أنّ الوجوب التخييري يحتاج إلى مؤونة زائدة في مقامي الثبوت والاثبات. أمّا في مقام الثبوت فلاحتياجه إلى ملاحظة العدل ، وتعليق التكليف بالجامع بينه وبين الطرف الآخر. وأمّا في مقام الاثبات فلاحتياجه إلى ذكر العدل وبيانه ، فما لم تقم الحجّة على المؤونة الزائدة يحكم بعدمها ، فيثبت الوجوب التعييني.
وفيه أوّلاً : أنّا لا نسلّم أنّ الوجوب التخييري بحسب مقام الثبوت يحتاج إلى مؤونة زائدة بنحو الاطلاق ، أي سواء كان التخيير المحتمل تخييراً عقلياً أو تخييراً شرعياً ، فانّ التخيير العقلي يحتاج إلى لحاظ الجامع فقط ، كما أنّ الوجوب التعييني يحتاج إلى لحاظ الواجب الخاص فقط ، فليس هناك مؤونة زائدة في الوجوب التخييري. نعم ، فيما كان التخيير المحتمل تخييراً شرعياً يحتاج إلى مؤونة زائدة ، لأنّ الجامع في التخيير الشرعي هو عنوان أحد الشيئين كما تقدّم ، ومن الواضح أنّ لحاظ أحد الشيئين يحتاج إلى لحاظ نفس الشيئين فيكون الوجوب التخييري محتاجاً إلى مؤونة زائدة بالنسبة إلى الوجوب التعييني.
وثانياً : أنّ مرجع ما ذكره إلى استصحاب عدم لحاظ العدل ، وإثبات الوجوب التعييني به متوقف على القول بالأصل المثبت ولا نقول به. مضافاً إلى كونه معارضاً باستصحاب عدم لحاظ الطرف الآخر بالخصوص على ما سيجيء التعرّض له في الجواب عن الوجه الرابع إن شاء الله تعالى. هذا كلّه فيما ذكره بحسب مقام الثبوت.
وأمّا ما ذكره من أنّ الوجوب التخييري يحتاج إلى مؤونة زائدة في مقام
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٧٢ و ٣٧٣ ، فوائد الاصول ٣ : ٤٢٧ و ٤٢٨