باعتبار جريان الأصل العملي كما ستعرفه (١) إن شاء الله تعالى.
فذهب جماعة إلى استحالة توجيه التكليف إلى الناسي ، وأنّ الصحّة في الفرض المذكور إنّما هي للوفاء بالملاك لا لانطباق المأتي به على المأمور به ، نظراً إلى أنّ الناسي إن التفت إلى كونه ناسياً انقلب إلى الذاكر ، فلا يكون الحكم الثابت لعنوان الناسي فعلياً في حقّه ، وإن لم يلتفت إلى نسيانه ، فلا يعقل انبعاثه عنه ، وما لم يمكن الانبعاث لم يمكن البعث بالضرورة ، فعلى تقديري الالتفات وعدمه يستحيل فعلية التكليف في حقّه ، ومع استحالة الفعلية يمتنع الجعل بالضرورة.
واختار صاحب الكفاية (٢) قدسسره إمكان ذلك بوجهين :
الوجه الأوّل : أن يوجّه الخطاب إلى الناسي لا بعنوانه ، بل بعنوان آخر ملازم له واقعاً ، وإن لم يكن الناسي ملتفتاً إلى الملازمة ليعود المحذور.
وفيه : أنّ هذا مجرد فرض وهمي لا واقع له ، ولا سيّما أنّ النسيان ليس له ميزان مضبوط ليفرض له عنوان ملازم ، فانّه يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان ، واختلاف متعلقه من الأجزاء والشرائط ، فكيف يمكن فرض عنوان يكون ملازماً للنسيان أينما تحقق ولا سيّما إذا اعتبر فيه عدم كون الناسي ملتفتاً إلى الملازمة بينهما.
الوجه الثاني : أنّ يوجّه التكليف إلى عامّة المكلفين بما يتقوّم به العمل ثمّ يكلف خصوص الذاكر ببقية الأجزاء والشرائط ، فتختص جزئيتها وشرطيتها بحال الذكر.
__________________
(١) في ص ٥٣٩
(٢) كفاية الاصول : ٣٦٨