صحّته بذكر دليل القول بالوجوب النفسي وجوابه ، وهو أنّ الأوامر المتعلقة بالتعلّم والسؤال ظاهرة في الوجوب النفسي.
والجواب : أنّ كون الأمر ظاهراً في الوجوب النفسي العيني التعييني وإن كان مسلّماً كما تقدّم في مبحث الأوامر (١) ، إلاّأنّ في المقام خصوصية داخلية وقرينة خارجية توجب ظهور الأوامر المتعلقة بالتعلّم في الوجوب الطريقي مقدّمةً للعمل.
أمّا الخصوصية الداخلية : فهي أنّ نفس السؤال عن شيء وتعلّمه طريق إلى العمل بهذا الشيء ، فالأمر بالسؤال بنفسه ظاهر في الوجوب الطريقي بحسب الارتكاز العرفي ، فانّ السؤال عن الطريق إلى كربلاء مثلاً إنّما هو للمشي من هذا الطريق ، فالأمر بالسؤال عن طريق كربلاء ظاهر في الوجوب الطريقي ، لا الوجوب النفسي ، بأن يكون مجرد السؤال عن الطريق مطلوباً نفسياً ، فكذا الحال في قوله تعالى : «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» (٢) فانّ الأمر بالسؤال فيه ظاهر في الوجوب الطريقي وأنّ السؤال من أهل الذكر إنّما هو للعمل ، لا لكونه مطلوباً بنفسه. ولعل ظهور الأمر بالسؤال في الوجوب الطريقي ظاهر غير قابل للانكار.
وأمّا القرينة الخارجية : فروايتان إحداهما : ما ورد في تفسير قوله تعالى : «فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ» وقد تقدّم ذكره (٣) ، فانّ قوله «فهلاّ تعلّمت حتّى تعمل»
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ٣ ـ ١١
(٢) النحل ١٦ : ٤٣
(٣) في ص ٥٧١