ملاك الحرمة ، غاية الأمر عدم فعلية كلا الحكمين ، لعدم قدرة المكلف على امتثالهما ، فيكون من باب التزاحم ، كما إذا توقف إنقاذ غريق على التصرف في ملك الغير ، فانّه يكون المسبب واجباً والسبب حراماً ـ عكس ما نحن فيه ـ ولا إشكال في تنجّز وجوب الانقاذ مع الجهل بحرمة التصرف حكماً أو موضوعاً ، كما لا إشكال في تنجّز حرمة التصرف مع الجهل بوجوب الانقاذ حكماً أو موضوعاً ، فكذلك الحال في المقام لا مانع من وجوب الطهارة المائية مع الجهل بالضرر.
وليس المقام من قبيل اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ليكون المورد من باب التعارض على القول بامتناع الاجتماع ، لأنّ التعارض على القول بامتناع الاجتماع إنّما هو فيما إذا لم يمكن الاجتماع في نفسه مع قطع النظر عن عدم قدرة المكلف على الامتثال ، وحينئذ فعلى القول بتقديم جانب الحرمة يكون العمل مبغوضاً في الواقع ، فلايمكن التقرّب به ، وبعد كونه غير مأمور به لا يمكن كشف وجود الملاك فيه كي يمكن القول بالصحّة لأجل وجود الملاك ، وإن لم يكن مأموراً به ، لأنّا لا نعلم وجود الملاك إلاّبالأمر المفقود على الفرض. والمقام ليس من هذا القبيل ، بل من باب التزاحم على التقريب المتقدم. فالصحيح أنّ الالتزام بأحد الأمرين المذكورين كافٍ في الحكم بصحّة الطهارة المائية مع الجهل بالضرر.
ولنقدّم الكلام في الأمر الثاني لكون البحث فيه مختصراً بالنسبة إلى الأمر الأوّل فنقول :
أمّا الكلام فيه من حيث الكُبرى : فقد تقدّم في بحث مقدّمة الواجب (١)
__________________
(١) الهداية في الاصول ٢ : ٧٧ ، الدراسات ١ : ٣٦١