قريباً إن شاء الله تعالى.
والوجه في ذلك : أنّ الغسل مستحب لنفسه وكذا الوضوء ، وقد تقدّم (١) أنّ دليل لا ضرر حاكم على الأدلة الدالة على الأحكام الالزامية دون الأدلة الدالة على الأحكام غير الالزامية كالاستحباب والاباحة ، باعتبار أنّ دليل لا ضرر ناظر إلى نفي الضرر من قبل الشارع. والضرر في موارد الاباحة والاستحباب مستند إلى اختيار المكلف وإرادته لا إلى الشارع ، فالأحكام غير الالزامية باقية بحالها ، وإن كانت متعلقاتها ضررية ، فالوضوء الضرري وإن كان وجوبه مرفوعاً بأدلة نفي الضرر ، إلاّأنّ استحبابه باقٍ بحاله ، فصحّ الاتيان بالوضوء الضرري بداعي استحبابه النفسي أو لغاية مستحبّة ، وتحصل له الطهارة من الحدث ، وبعد حصولها لا مانع من الصلاة معها لحصول شرطها وهي الطهارة.
وكذا الحال في الغسل الضرري فيجري فيه ما ذكرناه في الوضوء بلا حاجة إلى الاعادة.
نعم ، لا نقول بالصحّة في غير الوضوء والغسل ، كما إذا كان القيام حال القراءة ضررياً أو حرجياً ، فانّه تجب الصلاة جالساً ، فلو قام في الصلاة مع العلم بالضرر أو الحرج نحكم ببطلان الصلاة في كلا المقامين ، لعدم الأمر بالقيام حينئذ وإن لم نقل بحرمة الاضرار بالنفس. وعدم الأمر كافٍ في الحكم بالبطلان ، ولذا نحكم بالبطلان مع العلم بالحرج أيضاً كالعلم بالضرر ، لعدم الأمر في كليهما بدليل لا ضرر ولا حرج ، فلا يبقى مقتضٍ للصحّة بعد عدم تعلّق الأمر. ووجود الملاك أيضاً غير محرز ، لما ذكرناه سابقاً (٢) من أنّه لا سبيل لنا إلى إحراز الملاك
__________________
(١) في ص ٦١٨
(٢) في ص ٦٣٥