وأمّا ما ذكره السيّد قدسسره في العروة من التفصيل بين العلم بالضرر والعلم بالحرج ، والحكم بالفساد في الأوّل وبالصحّة في الثاني ، فهو مبني على ما هو المشهور بين المتأخرين من حرمة الاضرار بالنفس ، فيكون المكلف غير قادر على استعمال الماء شرعاً ، والممنوع شرعاً كالممتنع عقلاً ، فتكون الطهارة المائية مبغوضة باطلة ، ويجب عليه التيمم. وهذا هو الوجه في التفكيك بين الضرر والحرج. ولا يمكن تصحيح الطهارة المائية على القول بحرمة الاضرار بالنفس ، سواء قلنا بسراية الحرمة من المسبب ـ وهو الاضرار ـ إلى السبب وهو الطهارة المائية ، أم لم نقل بها.
أمّا على الأوّل فواضح ، لكون الطهارة المائية حينئذ محرّمة لا يمكن التقرّب بها.
وأمّا على الثاني فلأنّ حرمة المعلول وإن لم تكن مسرية إلى العلّة ، إلاّ أنّه لا يمكن كون العلّة واجباً بالفعل مع حرمة المعلول ، للزوم التكليف بما لا يطاق ، لعدم قدرة المكلف على امتثال كليهما ، فيكون من قبيل التزاحم. ومن المعلوم عدم كون كلا التكليفين فعلياً في باب التزاحم ، ومحل الكلام إنّما هو صورة العلم بالضرر لا صورة الجهل به حتّى نحكم بصحّة أحد المتزاحمين مع الجهل بالآخر كما تقدّم ، فلا يمكن القول بوجوب الطهارة المائية فعلاً مع حرمة الاضرار بالنفس ، لما يلزم من التكليف بما لا يطاق ، فلا أمر بالطهارة المائية فتكون باطلة لا محالة. ولا يمكن تصحيحها على القول بالترتب أيضاً لوجهين :
الأوّل : أنّ الترتب إنّما يتصور فيما إذا كان المتزاحمان عرضيين ، بحيث يمكن الالتزام بفعلية أحدهما في ظرف عصيان الآخر كوجوب الازالة والصلاة ، والمقام ليس كذلك فانّه بعد وقوع التزاحم بين وجوب الطهارة المائية وحرمة