نفقة زوجته ، فعدم الحكم بجواز طلاقها للحاكم ضرر عليها ، فينفى بحديث لا ضرر ويحكم بجواز طلاقها للحاكم.
وقد أورد المحقق النائيني (١) قدسسره على ذلك بوجهين : الأوّل راجع إلى منع الكبرى ، أي إلى أصل القاعدة المذكورة ، وهي أنّ دليل لا ضرر حاكم على الأحكام العدمية. والثاني راجع إلى منع الصغرى ، أي إلى تطبيق القاعدة المذكورة على المثالين. أمّا الأوّل : فهو أنّ حديث لا ضرر ناظر إلى الأحكام المجعولة في الشريعة المقدّسة ، ويقيّدها بصورة عدم الضرر ، وعدم الحكم ليس حكماً مجعولاً فلا يشمله حديث لا ضرر. وأمّا الثاني : فهو أنّ حديث لا ضرر ناظر إلى نفي الضرر في عالم التشريع كما مرّ مراراً (٢) ، ولا دلالة فيه على وجوب تدارك الضرر الخارجي المتحقق من غير جهة الحكم الشرعي ، والضرر في المثالين ليس ناشئاً من قبل الشارع في عالم التشريع حتّى ينفى بحديث لا ضرر.
وعليه فلا يمكن التمسك بحديث لا ضرر لاثبات الضمان في المسألة الاولى ، ولا لاثبات جواز الطلاق في المسألة الثانية.
أقول : أمّا إيراده الأوّل فغير وارد ، لأنّ عدم جعل الحكم في موضع قابل للجعل جعل لعدم ذلك الحكم ، فيكون العدم مجعولاً ، ولا سيّما بملاحظة ما ورد من أنّ الله سبحانه لم يترك شيئاً بلا حكم (٣) ، فقد جعل الحكم من قبل الشارع لجميع الأشياء ، غاية الأمر أنّ بعضها وجودي وبعضها عدمي ، كما أنّ بعضها
__________________
(١) منية الطالب ٣ : ٤١٨
(٢) راجع ص ٦١٦
(٣) راجع الوسائل ٢٧ : ٣٨ و ٥٢ / أبواب صفات القاضي ب ٦ ح ٣ و ٣٨ ، والمستدرك ١٧ : ٢٥٨ و ٢٦٥ / أبواب صفات القاضي ب ٦ ح ١٥ و ٣٤ ، والكافي ١ : ٥٩ / باب الرد إلى الكتاب والسنّة