تكليفي وبعضها وضعي. وعليه فلا مانع من شمول دليل لا ضرر للأحكام العدمية أيضاً إن كانت ضررية ، هذا من حيث الكبرى ، إلاّأنّ الصغرى لهذه الكُبرى غير متحققة ، فانّا لم نجد مورداً كان فيه عدم الحكم ضررياً حتّى نحكم برفعه وبثبوت الحكم بقاعدة لا ضرر.
وأمّا إيراده الثاني فوارد ، وتوضيحه : أنّ الحكم بالضمان في المسألة الاولى إنّما هو لتدارك الضرر الواقع على المحبوس من ناحية الحابس ، وقد عرفت (١) أنّ حديث لا ضرر لا يشمل مثل ذلك ولا يدل على وجوب تدارك الضرر الواقع في الخارج بأيّ سبب ، بل يدل على نفي الضرر من قبل الشارع في عالم التشريع. وكذا الحال في المسألة الثانية ، فانّ فيها اموراً ثلاثة : امتناع الزوج عن النفقة ، ونفس الزوجية ، وكون الطلاق بيد الزوج. أمّا الأوّل فهو الموجب لوقوع الضرر على الزوجة ولم يرخص فيه الشارع. وأمّا الثاني فليس ضررياً وقد أقدمت الزوجة بنفسها عليه في مقابل المهر وكذا الثالث ، فليس من قبل الشارع ضرر في عالم التشريع حتّى يرفع بحديث لا ضرر ، غاية الأمر أنّ الحكم بجواز الطلاق يوجب تدارك الضرر الناشئ من عدم الانفاق ، وقد عرفت أنّ مثل ذلك لا يكون مشمولاً لحديث لا ضرر. هذا مضافاً إلى أنّ التمسك بحديث لا ضرر ـ لاثبات الضمان في المسألة الاولى ، ولاثبات جواز الطلاق للحاكم في المسألة الثانية ـ معارض بالضرر المترتب على الحكم بالضمان على الحابس ، والضرر المترتب على جواز الطلاق على الزوج من زوال سلطنته على الطلاق ، ولا ترجيح لأحد الضررين على الآخر.
إن قلت : إنّ الحابس بحبسه والزوج بامتناعه عن النفقة قد أقدما على الضرر ، فلا يعارض به الضرر الواقع على المحبوس والزوجة.
__________________
(١) في ص ٦١٥