إن كان بفعل الغير كان الضمان عليه ، وإن كان بآفة سماوية كان الضرر مشتركاً بينهما.
المسألة الثالثة : وهي لا تخلو من الأهمّية من حيث كثرة الابتلاء بها ، ما إذا دار الأمر بين تضرر شخص والاضرار بالغير من جهة التصرف في ملكه ، كمن حفر في داره بالوعة أو بئراً يكون موجباً للضرر على الجار مثلاً ، وتوضيح المقام يقتضي ذكر أقسام تصرّف المالك في ملكه الموجب للاضرار بالجار ، فنقول : إنّ تصرّفه يتصوّر على وجوه :
الأوّل : أن يكون المالك بتصرّفه قاصداً لإضرار الجار ، من دون أن يكون فيه نفع له أو في تركه ضرر عليه.
الثاني : الصورة مع كون الداعي إلى التصرف مجرد العبث والميل النفساني ، لا الاضرار بالجار.
الثالث : أن يكون التصرف بداعي المنفعة ، بأن يكون في تركه فوات منفعة.
الرابع : أن يكون الداعي التحرز عن الضرر بأن يكون في تركه ضرر عليه.
والمنسوب إلى المشهور جواز التصرّف وعدم الضمان في الصورتين الأخيرتين ، بعد التسالم على الحرمة والضمان في الصورتين الاوليين (١) أمّا وجه الحرمة والضمان في الصورتين الاوليين فظاهر ، فانّه لا إشكال في حرمة الاضرار بالغير ولا سيّما الجار ، والمفروض أنّه لا يكون فيهما شيء ترتفع به حرمة الاضرار بالغير.
وأمّا الوجه لجواز التصرّف وعدم الضمان في الصورتين الأخيرتين ، فقد استدلّ له بوجهين :
__________________
(١) راجع فرائد الاصول ٢ : ٥٣٨ و ٥٣٩ ، ورسائل فقهية للشيخ الأنصاري قدسسره : ١٢٦ / التنبيه السابع