وثانياً : أنّ العلم المأخوذ في الغاية في هذه الأخبار ظاهر عرفاً في خصوص ما يكون منافياً للشك رافعاً له ، بأن يكون متعلقاً بعين ما تعلّق به الشك ، وكذا الحال في مثل قوله عليهالسلام : «ولكن انقضه بيقين آخر» (١) فانّ الظاهر منه تعلّق اليقين الآخر بعين ما تعلّق به الشك ليكون نقضاً له ، وكذا الحال في أدلة البراءة من قوله عليهالسلام : «حتّى تعلم أو تعرف أنّه حرام» ومن الواضح أنّ العلم الاجمالي لا يكون رافعاً للشك في كل واحد من الأطراف ، لعدم تعلقه بما تعلق به الشك ، فانّه تعلق بعنوان جامع بينهما ، وهو عنوان أحدهما. وعليه فالغاية لا تشمل العلم الاجمالي فيكون إطلاق الصدر محكّماً.
وثالثاً : أنّ ما أفاده ـ من أنّ كلمة «بعينه» لتأكيد العلم لا لتمييز المعلوم ـ لو سلّم في رواية مسعدة بن صدقة من قوله عليهالسلام «كل شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه» (٢) لا يتم في رواية عبدالله بن سنان من قوله عليهالسلام : «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه» (٣) فانّ مفاده معرفة الحرام بعينه ، ومعرفة الحرام بعينه ظاهر عرفاً في تمييزه عن غيره ، ولا سيّما مع ذكر كلمة «منه» وظهور معرفة الحرام من الشيء بعينه في تمييز الحرام عن غيره غير قابل للانكار ، فتكون الغاية ظاهرةً في خصوص العلم التفصيلي. بخلاف الجملة الاولى ، فانّ مفادها معرفة أنّه حرام بعينه ، أي معرفة الحرمة ، فيمكن أن تكون كلمة «بعينه» تأكيداً للمعرفة.
ولا يخفى الفرق بحسب المفهوم العرفي بين معرفة أنّ الشيء حرام بعينه ، ومعرفة الحرام من الشيء بعينه.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١ (باختلاف لفظي يسير)
(٢) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤
(٣) المصدر السابق ح ١