أقول : وما ذكروه من الأدلّة في هذه الأقوال لا يرجع إلى طائل يعتمد عليه ، والحقّ القول بأنّه إن قصد الإمناء أو فعل ما يعتاد به الإمناء قضى وكفّر ، وإلا فلا شيء عليه ؛ للأصل. ولا فرق في ذلك بين المحلّل والمحرّم ، ويظهر وجهه مما تقدّم.
تنبيهات :
الأوّل : قد عرفت حكم الإفساد والكفارة وعدمهما ، وأما الحرمة والكراهة ، فلا ريب في حرمة نفس الاستمناء المقصود فيه الإمناء باليد ونحوها من غير أعضاء المحلّلة ، والظاهر جوازه بمثل التفخيذ والملاعبة المحللة.
ولا ريب في حرمة الجميع في الصوم ؛ لأنّه تعمّد إلى إبطال الصوم المحرّم.
وأمّا مطلق الملامسة وملاعبة المحلّلة إن لم يقصد به الإمناء ، فإن علم من حاله وجزم بأنّه موجب له ، فالظاهر أيضاً أنّه حرام ؛ وإن لم يعلم من حاله ذلك ، فإن علم من حاله عدمه وأنّه لا تتحرك به شهوته ، فلا ريب في جوازه ، والمشهور الأصحّ الأقوى عدم الكراهة أيضاً.
وإن كان ممن يحرّك ذلك شهوته ، فهو مكروه إجماعاً ، بل الظاهر أنّه إجماع العلماء كافّة ، كما صرّح به في المنتهي في القُبلة لذي الشهوة (١). وتدلّ عليه الأخبار المستفيضة جدّاً وقد تقدّمت طائفة منها (٢).
وربّما يعلّل بأنّه تعريض للإمناء المفسد ، وهو مشكل في معتاد العدم.
ثمّ إنّ الكراهة هل هي فيمن لا يغلب على ظنه الإنزال ويحرم على غيره ، أو تعمّ؟.
قال في المنتهي : الأكثر على أنّ القبلة مكروهة وإن غلب على ظنّه الإنزال ، ونقل عن بعض الشافعيّة التحريم ، واستدلّ بالأخبار ، وبأنّ إفضاءه إلى الإفساد مشكوك فيه
__________________
(١) المنتهي ٢ : ٥٦٤.
(٢) الوسائل ٧ : ٦٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣.