لا يوجبون شيئاً غير التصدّق ، لا الإجماع على تقديم الصدقة ، وكلامه كالصريح في ذلك.
إذا عرفت هذا ، فقول ابن أبي عقيل في غاية الضعف ؛ لكونه خلاف المشهور والأحاديث المعتبرة المستفيضة والإجماعين المنقولين ، ولا يبعد حمل تقديم الصدقة وانفرادها المستفاد من رواية أبي مريم على التقيّة ، ولما كانت الرواية مضطربة فيضعف الاعتماد عليها. ومنه يظهر ضعف القول بالتخيير أيضاً.
وأمّا الاستدلال لابن أبي عقيل بقوله تعالى (لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلّا ما سَعى) فقد عرفت ضعفه.
وأمّا ما فات من جهة السفر ففيه قولان ، والذي يظهر أنّه قول الأكثر هو التفصيل مثل المريض ، فيشترط وجوب القضاء على الوليّ بتمكّن المسافر من الأداء أو القضاء ، وهو أحد قولي الشيخ ، اختاره في الخلاف مدّعياً عليه الإجماع (١) ، وهو مختاره في النهاية (٢) ، ومختار المحقق في النافع (٣) ، والعلامة في كثير من كتبه (٤) ، والشهيدين في اللمعة وشرحها والمسالك (٥) ، وهو ظاهر ابن إدريس (٦).
والقول الأخر وجوبه ولو مات في السفر على كل حال ، وهو مذهب الشيخ في التهذيب (٧) ، ومنقول عن صاحب الجامع يحيى بن سعيد (٨).
وربما يقال : إنّه ظاهر الصدوق في الفقيه والمقنع ، حيث قال : إذا مات رجل وعليه صيام شهر رمضان فعلى وليّه أن يقضي عنه ، وكذلك من فاته في السفر أو المرض ، إلا
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٢٠٧ المسألة ٦٤.
(٢) النهاية : ١٥٨.
(٣) المختصر النافع : ٧٠.
(٤) التذكرة ٦ : ١٧٥ المسألة ١١١ ، المختلف ٣ : ٥٣٥.
(٥) الروضة البهيّة ٢ : ١٢٤ ، المسالك ٢ : ٦٣.
(٦) السرائر ١ : ٣٩٩.
(٧) التهذيب ٤ : ٢٤٩ ذ. ح ٧٣٩.
(٨) الجامع للشرائع : ١٦٣.