والحاصل : أنّ القصد إلى فعل المفطر ليس نفس تبعيض الصوم ، إلا أنّ ينوي «أنّي الان أخرجت نفسي عن الصوم ، وأنشأت إخراج نفسي عن الطاعة» وأكل الطعام في ثاني الحال بالنسبة إلى هذا القصد ، فحينئذٍ يكون باطلاً.
وذلك لأنّ الكفّ عن المفطرات وتأديب النفس بهذا العمل مكلّف به ، إمّا بإيجاد فعل وجودي من توطين النفس وإكراهها ، أو باستمرار العدم الأزلي وإبقائه على حاله باختياره في غير حال الغفلة والنوم ، ولم يتحقّق منه شيء من ذلك فيما نحن فيه ، فالقصد إلى عدم الإمساك أو إيجاد الرياء ونظرائه مفوّت لهذا المعنى فيبطل.
فإن قلت : مع القصد إلى الإفطار في ثاني الحال لا يبقى شيء من الأُمور الوجوديّة ، التي ذكرتها أيضاً.
قلت : نعم ، ولكن لم يحصل ما يرفع حكم النيّة السابقة ، المجعولة بجعل الشارع ، المؤثرة في الصحّة حال الغفلة والنوم والإغماء أيضاً ، الثابتة قسراً من قِبل الشارع ، المانعة عن ارتفاعها إلا بجعل من الشارع.
ولكن يمكن (١) إجراء هذا الإشكال في الصورة التي أشار إليها المحقّق الأردبيلي رحمهالله أيضاً (٢) ، فإنّ انتفاء هذا الحكم القسري في أمثال ذلك أيضاً غير معلوم ؛ إذ لا مانع من حكم الشارع بصحّة عمل شَرَعَ فيه بنيّة صحيحة وإن طرأ في بعض أجزائه الفعل المنهي عنه كالرياء ونحوه ، سيّما إذا كان من قبيل التروك.
ولكن الظاهر أنّ ضرر قصد الخلاف بنفس الفعل إجماعيّ كما ادّعاه غير واحد منهم في الصلاة ، بل وفي الصوم أيضاً كما يظهر من غاية المراد (٣).
واعلم أنّهم جعلوا الخلاف في هذه المسألة متفرّع على مسألتين :
إحداهما : شرطيّة استمرار النيّة الحكميّة وعدمها ، بعد الاعتراف بكون وجوبه
__________________
(١) في «م» : ولا يمكن.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ١٧٣.
(٣) غاية المراد ١ : ٣٢٤.