وعلى ما بنى عليه الشهيد الثاني من شمول المسكين للفقير إذا ذكر منفرداً (١) فيدخل الفقير ، وقد عرفت أنّه محلّ نظر ، وأنّ المسكين أسوأ حالاً من الفقير ، فالخروج عن مقتضى النصوص لا وجه له ، سيّما وقد روى العياشي في تفسير قوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (٢) عن أبي بصير قال : سألته عن رجل مرض من رمضان إلى رمضان قابل ، ولم يصح بينهما ، ولم يطق الصوم ، قال : «تصدّق مكان كلّ يوم أفطر على مسكين مدّاً من طعام ، وإن لم يكن حنطة فمدّ من تمر ، وهو قول الله تعالى (فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) فإن استطاع أن يصوم الرمضان الذي يستقبل ، وإلا فليتربّص إلى رمضان قابل فيقضيه ، فإن لم يصح حتى رمضان قابل ، فليتصدّق كما تصدّق مدّاً مدّاً» (٣).
ويظهر من قولهم : «محلّه مستحق الزكاة» اعتبار الإيمان والعدالة عند من يعتبرها ، ولم أقف في الأخبار على ما يدلّ عليه ، ولا ريب أنّه أحوط.
الخامس : قال في المسالك بعد ما ذكر أنّ محلّها مستحق الزكاة لحاجته ولا يجب عدّده وكذا كل فدية في هذا الباب ، فيجوز إعطاء فدية أيّام لمسكين واحد ، وهو مقتضى الأصل والإطلاق (٤).
ولا يضرّه لفظ مسكين في الأخبار ، حيث إنّه ظاهر في الواحد ؛ بتقريب أنّ تنوينه تنوين التنكير لا التمكن ، فإنّ التصدّق عن كلّ يوم بمد على مسكين لا ينافي التصدّق عن جميع الأيام على مسكين واحد ، فإنّه مسكين تصدّق عليه بمدّ لكلّ يوم.
نعم الظاهر من الأخبار أنّه لا بد أن لا يكون حظ كلّ مسكين أقلّ من مدّ.
وعن المفيد في المقنعة : ومن فاته صيام شهري رمضان لمرض دام به فليكفّر عن
__________________
(١) المسالك ١ : ٤٠٩.
(٢) البقرة : ١٨٤.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٧٩ ، الوسائل ٧ : ٢٤٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ١١.
(٤) في «م» : وإطلاق الأخبار.