وقوله عليهالسلام : «فرأوا أنّه الليل» ظاهر في الظنّ ، مع أنّ في بعض النسخ فظنّوا.
وكذا العبيدي أظهره الصحّة (١) ، فلا بدّ من الرجوع إلى الترجيح.
فما يرجّح القول الأوّل أكثريّة القائلين به ، وأشهريته ، وكون روايته معلّلة ، لكن التعليل بكونه أكل متعمّداً لا يخلو من شيء ، سيّما ولو كان كذلك للزمت الكفّارة أيضاً ، وهم لا يقولون به ، بل ظاهرهما الاتفاق كما يظهر من المسالك (٢).
ويضعفه أيضاً كونه موافقاً للعامة كما نقله في التذكرة (٣) ، ونقل فيها روايتهم عن حنظلة قال : كنّا في شهر رمضان وفي السماء سحاب ، فظننا أنّ الشمس قد غابت ، فأفطر بعضنا ، فأمر من كان أفطر أن يصوم مكانه (٤).
ومما يرجّح القول الأخر كثرة الأخبار ، واعتبار أسنادها ، وموافقتها للأصل ، والاعتبار ، والموافقة لنفي الحرج والعسر والملّة السمحة السهلة ، ومخالفتها للعامة ، فلم يبقَ في الطرف الأوّل إلا أكثرية القائل ، وليس ذلك بحدّ يغلب على تلك المرجّحات القوية ، مع أنّ هذا القول ليس بشاذ ، بل القائل به أيضاً كثير ، فلا يبعد حمل رواية الأوّلين على التقيّة.
والأقوى عدم وجوب القضاء.
وأمّا الكفّارة فلا دليل عليها إلا إشعار قوله عليهالسلام : «لأنّه أكل متعمّداً» (٥) وقد عرفت ضعفه.
بقي الكلام فيما ذهب إليه ابن إدريس من الفرق بين مراتب الظنون (٦) ، وهو غير ظاهر الوجه ؛ لعدم انضباط مراتب الظنّ حتّى يجعل بعضها غالباً وبعضها غير ذلك ،
__________________
(١) انظر معجم رجال الحديث رقم ١١٥٠٨ و ١٥٣٩٠.
(٢) المسالك ٢ : ٢٩.
(٣) التذكرة ٦ : ٧٢.
(٤) سنن البيهقي ٤ : ٢١٧ ، وانظر التذكرة ٦ : ٧٢.
(٥) الوارد في خبر أبي بصير وسماعة المتقدّم.
(٦) السرائر ١ : ٣٧٧.