المؤاخذة ، وخصّ المؤاخذة بنفس الواجب.
فالذي يمكن بارتكابه الجمع بين كلمات الأصحاب في هذا المقام حيث استدلّوا على إبطال الصوم بإنزال المني عقيب الملامسة ونحوها مطلقاً بأنّه تعمّد للجنابة ، وهو مفسد للصوم وموجب للقضاء والكفّارة وحيث ذكروا أنّه لا تجوز الملامسة في الصوم ، إمّا مع الكراهة في صورة غلبة الظنّ بالحصول ، أو عدمها في غيرها أن يقال : تعمّد الجنابة مفسد مطلقاً ، وليس بحرام مطلقاً ، وأنّ هذا الفرد من التعمّد ليس بحرام وإن كان مفسداً ، وهو كما ترى ؛ لكمال بُعد إطلاق التعمّد على مثله ، وبُعد إطلاق الكفارة فيما ليس فيه إثم.
أو يقال : إنّ تجويز فعل مقدّمة الحرام وترك مقدّمة الواجب إنّما يقبح فيما علم كونه مقدّمة ، لا ما يحتمل أن يصير مقدّمة أو يظن ، فلا يضرّ القول بجواز المقدّمة مع كون ذي المقدّمة حراماً أيضاً في مثله ، وإن قلنا بقبح القول بجواز فعلها من الحكيم فيما علم كونها مقدّمة للحرام ، كقبح تجويز ترك ما علم كونها مقدّمة للواجب.
وإن قلنا بعدم كون مقدّمة الواجب واجبة ومقدّمة الحرام حراماً ، فإنّ مرادنا من نفي القول بالوجوب والحرمة في المقدّمة هو عدم عقاب على حدة ، لا أنّه يصحّ من الأمر الحكيم أن يرخّص في فعل هذه وترك هذه ، وهذا كلّه تكليف ، وإن كان ولا بد فالأنسب هو التمسك بإطلاق الأخبار إن سلّم وضوح دلالتها ، والاحتياط واضح.
الثاني : لو تخيّل قاصداً الإمناء ، أو كان من عادته ؛ فحكمه ما تقدّم من الإفساد والقضاء والكفارة وأما لو خطر بباله أو أمنى ولم يكن معتاداً فلا شيء عليه.
الثالث : قال العلامة وغيره : لو تساحقت امرأتان ، فإن لم تنزلا فلا شيء عليهما سوى الإثم وإن أنزلتا فعليهما القضاء والكفارة ، ولو أنزلت إحداهما اختصّت بالحكم ، وكذلك المجبوب لو تساحق (١).
__________________
(١) المنتهي ٢ : ٥٧٢ ، التحرير ١ : ٧٧ ، وكابن فهد في المهذّب البارع ٢ : ٤٥.