ولذلك قطع به في المدارك ، وقال : إنّ ظاهرهم أنّ الحكم فيها مفروغ عنه ومسلّم عند الطرفين ، فيكون وفاقياً ، وعلّله بأن الكفّارة إنّما تتعلّق بمن أفطر في نهار رمضان ، والمفروض خلافه (١).
أقول : ولم يظهر لي إجماعهم على ذلك ، فإن ثبت فهو ، وإلا فيشكل بأنه إذا اكتفينا في الخطاب بما هو عند المخاطب ، فلا ريب في أنّه معتقد حينئذٍ بكونه من رمضان ، وأنّه أفطر صوم رمضان في اعتقاده ، فكما يكتفي بكونه صوماً في اعتقاده ، يكتفي بكونه يوماً يجب فيه الصوم لرمضان.
وكيف كان فالأصل وظاهر اتفاقهم يكفي في دفع الوجوب.
الثاني : لم يفرق الأكثرون بين الحيض والمرض والسفر الضروري مما لا يتمكن المكلّف من دفعه عقلاً أو شرعاً ، وبين السفر الاختياري.
وقال العلامة في القواعد بعد اختياره سقوط الكفّارة بالمرض والحيض ونحوهما : لو جامع ثمّ أنشأ سفراً اختياراً لم تسقط الكفّارة ، ولو كان اضطراراً سقطت على رأي (٢).
أقول : إذا كان بناؤه في سقوط الكفّارة على عدم كونه مكلّفاً بالصوم ، فمع تجويز الشارع له السفر الاختياري واختيار المكلّف إيّاه يكشف ذلك عن عدم كونه مكلّفاً.
وأما ظهور تردّد مأمنه في الاضطراري مع كونه مثل الحيض والمرض في إسقاط التكليف ، فقال في الإيضاح في وجهه : إنّ الحيض ليس له عليه قدرة بوجهٍ ما ، بخلاف السفر ، فإنّه إن أُلجئ بحيث ارتفعت قدرته وقصده لم يجز الإفطار ، وإلا ففيه اختيار ما ، فعلى تقدير السقوط هناك يحتمل عدمه هنا ، قال : والأقوى عندي السقوط (٣) ، انتهى.
__________________
(١) المدارك ٦ : ١١٥.
(٢) القواعد ١ : ٣٧٨.
(٣) إيضاح الفوائد ١ : ٢٣٤.