فلا يضرّ الذهول عن الإمساك والغفلة عنه.
المبحث الثاني :
قد عرفت حقيقة النيّة في كتاب الطهارة وغيرها وأنّها القصد إلى الفعل المعيّن تقرّباً إلى الله ، وأنّه لا يعتبر قصد شيء من مشخّصات الفعل ووجهه وصفاته إلا ما احتاج تعيّن الفعل إليه في نظر المكلّف وتميّزه ، فلا حاجة إلى إعادة الكلام فيها وفي معنى التقرّب وغيره.
وكذلك لا فائدة مهمّة في اختلافهم في كون النيّة جزءاً للعبادة أو شرطاً بعد اتفاقهم على توقّف صحّة العبادة عليها.
والأظهر كونها شرطاً ؛ لما يظهر من الأخبار ، مثل قولهم : «لأعمل إلا بالنيّة» و «نيّة المؤمن خير من عمله» ومثل قولهم «: «افتتاح الصلاة التكبير» ، و «تحريمها التكبير» ونحو ذلك مما يدلّ على المغايرة ، سيّما في الصوم ؛ لتقدّمها على طلوع الفجر ، سيّما على اعتبار الإخطار.
وأمّا إطلاق الركن عليها بمعنى أنّه يبطل بتركها عمداً وسهواً فلا نمنعه ، وهذا ليس بمعنى الجزئيّة.
ويتفرّع على ما حقّقناه من أمر النيّة : أنّه يكفي في رمضان أن يصوم تقرّباً إلى الله ، ولا حاجة إلى تعيين أنّه صوم رمضان ، بل ولا إلى وجوبه كما هو المشهور ، ويظهر من المنتهي أنّ المخالف فيه إنّما هو بعض العامّة ، وكذلك من التذكرة (١).
ووجهه : أنّ الفعل متميّز بالفرض ، والذي ثبت من الدليل في أمر النيّة هو قصد الامتثال بالفعل المتميّز عمّا سواه.
ولكن هذا إنّما يتمّ مع التفطّن والعلم بالشهر ووجوب صومه عليه وعدم
__________________
(١) كالشافعي ومالك كما في المهذّب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، والمجموع للنووي ٦ : ٢٩٤ و ٣٠٢ ، وبداية المجتهد لابن رشد ١ : ٢٩٢ ، وانظر المنتهي ٢ : ٥٥٧ ، والتذكرة ٦ : ٨.