شهر غير شعبان فإن كان إجماع فهو ، وإلا فهو مشكل.
وأمّا في غمّ الجميع ؛ فالأظهر فيه البناء على النقيصة ، بل بخصوص عدّ الخمسة.
والتحقيق أن يقال : إنّ ترك العمل على عدّ ثلاثين في الجميع كما اخترناه ليس لأجل ترجيح الظاهر على الأصل فقط كما يظهر من المسالك (١) ، بل لأنّه لا يمكن إجراء الاستصحاب أصلاً فيه ، بل ولا في صورة غمّ الكلّ ، ولا في البعض ، وإنّما قلنا بذلك في خصوص شعبان للدليل.
ووجهه : أنّا نعلم بالعيان أنّه ليس للشهور حدّ لا تتجاوزه ، فقد يكون الشهر ثلاثين ، وقد يكون تسعة وعشرين ، وتعيين خصوص الثلاثين بسبب الاستصحاب بناءً على أنّ الاستصحاب قد يثبت حكماً جديداً كما في حكاية استصحاب الطهارة في مادة عدم ناقضيّة المذي إنّما يتمّ لو صحّ إجراء الاستصحاب.
ولا يمكن فيما نحن فيه ؛ إذ معنى الاستصحاب إجراء ما ثبت في الزمان الأوّل في الزمان الثاني على مقتضى جري عادة الله على بقاء الحكم الأوّل ، فمرجعه إلى حصول الظنّ بسبب العادة ، فإذا كانت العادة مختلفة في أفراد كلّي ، فلا يمكن تسوية جميع أفراد الكلّي ، بل إنّما يقتصر على ما هو ثابت في الأقلّ استمراراً.
ولا ريب أنّ تفاوت الشهور في العدد يبنى على تفاوت أوضاع سير القمر ، والقمر في كلّ قطعة من الأيّام والأزمان يختلف بسبب اختلاف أوضاعه بالنسبة إلى الشمس ، فوضعه في هذا الزمان على خلاف وضعه في الزمان الأخر ، وعادة الله إنّما جرت في هذه على خلاف هذه.
فالتمسّك باستصحاب عدم تأخّر القمر عن الشمس ، وانسحاب مقتضى حالة اجتماعه معها في كلّ قطعة من تلك الأزمنة التي هي شهر على حدة ، تقتضي بقاءه على حاله إلى هذه الساعة التي خرجت من الظلمة إلى النور ، وهو قد يكون نهاية تسع
__________________
(١) المسالك ٢ : ٥٦.